أحكام القرآن لابن العربي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ لَمَّا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ رِجْزُ الطَّاعُونِ، وَمَاتَ مِنْهُمْ عَدَدٌ كَثِيرٌ، خَرَجُوا هَارِبِينَ مِنْ الْمَوْتِ، فَأَمَاتَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مُدَّةً، ثُمَّ أَحْيَاهُمْ آيَةً، وَمِيتَةُ الْعُقُوبَةِ بَعْدَهَا حَيَاةٌ، وَمِيتَةُ الْأَجَلِ لَا حَيَاةَ بَعْدَهَا.
الثَّانِي: رُوِيَ أَنَّهُ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ فَتَرَكُوهُ وَخَرَجُوا فَارِّينَ مِنْهُ
[مَسْأَلَةٌ الْفِرَار مِنْ الطَّاعُونِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
الْأَصَحُّ وَالْأَشْهَرُ أَنَّ خُرُوجَهُمْ إنَّمَا كَانَ فِرَارًا مِنْ الطَّاعُونِ، وَهَذَا حُكْمٌ بَاقٍ فِي مِلَّتِنَا لَمْ يَتَغَيَّرْ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ».
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وَجْهِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ: أَمَّا الدُّخُولُ فَفِيهِ الْخِلَافُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: مَا فِيهِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلْبَلَاءِ؛ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ صِيَانَةَ النَّفْسِ عَنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ مَخُوفٍ وَاجِبٌ.
الثَّانِي: إنَّمَا نَهَى عَنْ دُخُولِهِ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عَنْ مُهِمَّاتِ دِينِهِ بِمَا يَكُونُ فِيهِ مِنْ الْكَرْبِ
1 / 304