أحكام القرآن لابن العربي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
طَلْقَتَانِ، وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ.» قُلْنَا: يَرْوِيه مُظَاهِرُ بْنُ أَسْلَمَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ جَعَلَ فِيهِ اعْتِبَارَ الْعِدَّةِ وَالطَّلَاقِ بِالنِّسَاءِ جَمِيعًا، وَلَا يَقُولُ السَّلَفُ بِهَذَا؛ فَقَدْ رَوَى النَّسَائِيّ، وَأَبُو دَاوُد عَنْ «ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَمْلُوكٍ كَانَتْ تَحْتَهُ مَمْلُوكَةٌ فَطَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ أُعْتِقَا: أَيَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَضَى بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ». وَلِأَنَّ كُلَّ مِلْكٍ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بِحَالٍ الْمَالِكِ لَا بِحَالِ الْمَمْلُوكِ. وَبَيَانُهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
[مَسْأَلَةٌ مَوْقِع السَّرَاحَ مِنْ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ السَّرَاحَ مِنْ صَرِيحِ أَلْفَاظِ الطَّلَاقِ الَّذِي لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ، وَلَيْسَ مَأْخُوذًا مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا. وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾ [البقرة: ٢٢٩] الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ كَمَا بَيَّنَّا، وَيَكُونُ قَوْله تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا﴾ [البقرة: ٢٣٠] بَيَانًا لِحُكْمِ [الْحُرَّةِ] الْوَاقِعِ عَلَيْهَا، وَهُوَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ بِعَيْنِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي تَفْسِيرِنَا وَتَفْسِيرِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الثَّانِي.
[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ]
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ﴾ [البقرة: ٢٢٩]: ظَنَّ جَهَلَةٌ مِنْ النَّاسِ أَنَّ الْفَاءَ هُنَا لِلتَّعْقِيبِ، وَفَسَّرَ أَنَّ الَّذِي يَعْقُبُ الطَّلَاقَ مِنْ الْإِمْسَاكِ الرَّجْعَةُ؛ وَهَذَا جَهْلٌ بِالْمَعْنَى وَاللِّسَانِ:
1 / 261