أحكام القرآن لابن العربي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
[الْآيَةُ التَّاسِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ قَوْله تَعَالَى فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ]
َ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ﴾ [البقرة: ٢٠٠]. فِيهَا مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ حَقِيقَةَ الْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ، وَخُصُوصًا فِي رِسَالَةِ نُزُولِ الْوَافِدِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الْأَدَاءِ؛ وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ الْعِبَادَاتِ فِي وَقْتِهَا، وَهِيَ حَقِيقَتُهُ الَّتِي خَفِيَتْ عَلَى النَّاسِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِالْمَنَاسِكِ هَاهُنَا عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ الذَّبْحُ.
الثَّانِي: أَنَّهَا شَعَائِرُ الْحَجِّ.
وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنَّهَا الرَّمْي أَوْ جَمِيعُ مَعَانِي الْحَجِّ، «لِقَوْلِهِ ﷺ: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ».
وَالْمَعْنَى بِالْآيَةِ كُلِّهَا: إذَا فَعَلْتُمْ مَنْسَكًا مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ فَاذْكُرُوا اللَّهَ تَعَالَى: كَالتَّلْبِيَةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، وَالتَّكْبِيرِ عِنْدَ الرَّمْيِ، وَالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ الذَّبْحِ.
[الْآيَةُ الْمُوفِيَةُ خَمْسِينَ قَوْله تَعَالَى وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ]
ٍ﴾ [البقرة: ٢٠٣] فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّكْرِ هَاهُنَا التَّكْبِيرُ. وَأَمَّا التَّلْبِيَةُ فَاعْلَمُوا أَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ إلَى رَمْيِ الْجَمْرَةِ بِالْعَقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ «عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ».
1 / 197