أحكام القرآن لابن العربي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا يَصُمْ أَحَدٌ حَتَّى يَدْخُلَ رَمَضَانُ».
وَقَدْ شَنَّعَ أَهْلُ الْجَهَالَةِ بِأَنْ يَقُولُوا نُشَيِّعُ رَمَضَانَ؛ وَلَا تُتَلَقَّى الْعِبَادَةُ وَلَا تُشَيَّعُ، إنَّمَا تُحْفَظُ فِي نَفْسِهَا وَتُحْرَسُ مِنْ زِيَادَةٍ فِيهَا أَوْ نُقْصَانٍ مِنْهَا.
وَلِذَلِكَ كَرِهَ عُلَمَاءُ الدَّيْنِ أَنْ تُصَامَ الْأَيَّامُ السِّتَّةُ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِيهَا: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ» مُتَّصِلَةً بِرَمَضَانَ مَخَافَةَ أَنْ يَعْتَقِدَ أَهْلُ الْجَهَالَةِ أَنَّهَا مِنْ رَمَضَانَ، وَرَأَوْا أَنَّ صَوْمَهَا مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ إلَى شَعْبَانَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا حَاصِلٌ بِتَضْعِيفِ الْحَسَنَةِ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا مَتَى فُعِلَتْ؛ بَلْ صَوْمُهَا فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَفِي شَعْبَانَ أَفْضَلُ، وَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ صَوْمَهَا مَخْصُوصٌ بِثَانِي يَوْمِ الْعِيدِ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ سَالِكٌ سُنَنَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الزِّيَادَاتِ، دَاخِلٌ فِي وَعِيدِ الشَّرْعِ حَيْثُ قَالَ: «لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» الْحَدِيثَ.
[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ:
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ رَمَضَانُ، لَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَمَنْ قَالَ: إنَّهُ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَقَدْ أَبْعَدَ؛ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الصِّحَّةِ.
1 / 109