أحكام القرآن لابن العربي

أبو بكر ابن العربي ت. 543 هجري
103

أحكام القرآن لابن العربي

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ﴾ [البقرة: ١٨١]: الْمَعْنَى: أَنَّ الْمُوصِيَ بِالْوَصِيَّةِ خَرَجَ عَنْ اللَّوْمِ وَتَوَجَّهَ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ الْوَلِيِّ. قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ إذَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ خَرَجَ عَنْ ذِمَّتِهِ وَصَارَ الْوَلِيُّ مَطْلُوبًا بِهِ، لَهُ الْأَجْرُ فِي قَضَائِهِ، وَعَلَيْهِ الْوِزْرُ فِي تَأْخِيرِهِ؛ وَهَذَا إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ لَمْ يُفَرِّطْ فِي أَدَائِهِ، وَأَمَّا إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَتَرَكَهُ، ثُمَّ وَصَّى بِهِ فَإِنَّهُ لَا يُزِيلُهُ عَنْ ذِمَّتِهِ تَفْرِيطُ الْوَلِيِّ فِيهِ. [مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إثْمًا] الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا﴾ [البقرة: ١٨٢]: الْخِطَابُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ خَافَ﴾ [البقرة: ١٨٢] لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، قِيلَ لَهُمْ: إنْ خِفْتُمْ مِنْ مُوصٍ مَيْلًا فِي الْوَصِيَّةِ، وَعُدُولًا عَنْ الْحَقِّ، وَوُقُوعًا فِي إثْمٍ، وَلَمْ يُخْرِجْهَا بِالْمَعْرُوفِ، فَبَادِرُوا إلَى السَّعْيِ فِي الْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمْ؛ فَإِذَا وَقَعَ الصُّلْحُ سَقَطَ الْإِثْمُ عَلَى الْمُصْلِحِ؛ لِأَنَّ إصْلَاحَ الْفَسَادِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، فَإِذَا قَامَ بِهِ أَحَدُهُمْ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا أَثِمَ الْكُلُّ. قَالَ عُلَمَاؤُنَا وَهِيَ: الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ: وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى الْحُكْمِ بِالظَّنِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا ظَنَّ قَصْدَ الْفَسَادِ وَجَبَ السَّعْيُ فِي الصَّلَاحِ، وَإِذَا تَحَقَّقَ الْفَسَادُ لَمْ يَكُنْ صُلْحٌ، إنَّمَا يَكُونُ حُكْمٌ بِالدَّفْعِ وَإِبْطَالٌ لِلْفَسَادِ وَحَسْمٌ لَهُ. [الْآيَة الْخَامِسَة وَالثَّلَاثُونَ قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ] الْآيَةُ الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ

1 / 105