أحكام القرآن
محقق
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
الناشر
دار إحياء التراث العربي
مكان النشر
بيروت
الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَهُمَا لِعِلْمِ السَّامِعِ الَّذِي حَضَرَهُ بِمَعْنَاهُ وَقَدْ وُجِدَ مِثْلُ ذَلِكَ كَثِيرًا فِي الْأَخْبَارِ فَغَيْرُ جَائِزٍ فِيمَا كَانَ هَذَا وَصْفَهُ أَنْ يُعْزَى إلَى النَّبِيِّ ﷺ بِالِاحْتِمَالِ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﵇ يَجْهَرُ بِهَا وَظَنَّهَا مِنْ السُّورَةِ لِأَنَّ
أَبَا هُرَيْرَةَ قَدْ رَوَى الْجَهْرَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ
وَأَيْضًا لَوْ ثَبَتَ هَذَا الْحَدِيثُ عَارِيًّا مِنْ الِاضْطِرَابِ فِي السَّنَدِ وَالِاخْتِلَافِ فِي الرَّفْعِ وَزَوَالِ الِاحْتِمَالِ فِي كَوْنِهِ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمَا جَازَ لَنَا إثْبَاتُهَا مِنْ السُّورَةِ إذْ كَانَ طَرِيقُ إثْبَاتِهَا نَقْلَ الْأُمَّةِ عَلَى مَا بين آنفا.
فَصْلٌ وَأَمَّا الْقَوْلُ فِي أَنَّهَا آيَةٌ أَوْ لَيْسَتْ بِآيَةٍ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِآيَةٍ تَامَّةٍ فِي سُورَةِ النَّمْلِ وَأَنَّهَا هُنَاكَ بَعْضُ آيَةٍ وَأَنَّ ابْتِدَاءَ الْآيَةِ مِنْ قَوْله تعالى [إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ] وَمَعَ ذَلِكَ فَكَوْنُهَا لَيْسَتْ آيَةً تَامَّةً فِي سُورَةِ النَّمْلِ لَا يَمْنَعُ أَنْ تَكُون آيَةً في غيرها لوجودها مِثْلَهَا فِي الْقُرْآنِ أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَهُ [الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ] فِي أَضْعَافِ الْفَاتِحَةِ هُوَ آيَةٌ تَامَّةٌ وَلَيْسَتْ بآية تامة من قوله [بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ] عِنْدَ الْجَمِيعِ
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ [الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ] هُوَ آيَةٌ تَامَّةٌ فِي الْفَاتِحَةِ وَهِيَ بَعْضُ آيَةٍ فِي قَوْله تَعَالَى [وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ] وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ اُحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ بَعْضَ آيَةٍ فِي فُصُولِ السُّوَرِ وَاحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ آيَةً عَلَى حَسَبِ مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْفَاتِحَةِ فَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ أَيَّة تَامَّةً مِنْ الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِ سُورَةِ النَّمْلِ لِأَنَّ الَّتِي فِي سُورَةِ النَّمْلِ لَيْسَتْ بِآيَةٍ تَامَّةٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا آيَةٌ تَامَّةٌ
حَدِيثُ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أُمِّ سلمة رضى الله تعالى عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ فَعَدَّهَا آيَةً
وَفِي لَفْظٍ آخَرَ
أَنَّ النَّبِيَّ ﵇ كَانَ يعد بسم الله الرحمن الرحيم آيَةً فَاصِلَةً رَوَاهُ الْهَيْثَمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عِكْرِمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ هَارُونَ عَنْ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﵇
وَرَوَى أَيْضًا أَسْبَاطٌ عَنْ السُّدِّيِّ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يعد بسم الله الرحمن الرحيم آيَةً
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ
وَرَوَى عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْبَصْرِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّهِ ﷺ (لَا أَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى أُخْبِرَك بِآيَةٍ أَوْ سُورَةٍ لم تنزل على نبي بعد سليمان ﵇ غَيْرِي فَمَشَى وَاتَّبَعْته حَتَّى انْتَهَى إلَى بَابِ الْمَسْجِدِ وَأَخْرَجَ إحْدَى رِجْلَيْهِ مِنْ أُسْكُفَّةِ الْبَابِ وَبَقِيَتْ الرِّجْلُ الْأُخْرَى ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ بِوَجْهِهِ فقال بأى شيء تفتح القرآن
1 / 12