أحكام القرآن الكريم

الطحاوي ت. 321 هجري
92

أحكام القرآن الكريم

محقق

الدكتور سعد الدين أونال

الناشر

مركز البحوث الإسلامية التابع لوقف الديانة التركي

رقم الإصدار

الأولى

مكان النشر

استانبول

٢٣٢ - وَقَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " الْعَزْمَةُ عِنْدَ النِّدَاءِ " ٢٣٣ - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: " يَحْرُمُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ " فَهَذَا مُجَاهِدٌ، وَالزُّهْرِيُّ قَدْ جَعَلَا الَّذِي يَنْهَى عَنِ الْبَيْعِ النِّدَاءَ، لَا الزَّوَالَ وَلَمَّا كَانَ عَلَى النَّاسِ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ إِتْيَانُ الْجُمُعَةِ وَلَا يَرْفَعُ ذَلِكَ عَنْهُمْ تَأْخَيرُ النِّدَاءِ بِهَا، كَانَ الَّذِي يُوجِبُ تَرْكَهُمُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ وَيَمْنَعُهُمْ مِنْهَا هُوَ ذَلِكَ الْوَقْتُ، لَا النِّدَاءُ الَّذِي يُنَادَى بِهِ بَعْدَهُ، وَلَمَّا كَانَ النِّدَاءُ عَلَى الزَّوَالِ لَا مَعْنَى لَهُ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ النِّدَاءَ الَّذِي بَعْدَ الزَّوَالِ إِنَّمَا هُوَ بَعْدَ مَا قَدْ وَجَبَ إِتْيَانُ الصَّلَاةِ، وَتَرْكُ التَّشَاغُلِ عَنْهَا بِغَيْرِهَا وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي هَذَا الْوَقْتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ التَّبَايُعِ فِيهِ، فَقَالَت طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: هُوَ مَكْرُوهٌ، وَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: ذَلِكَ الْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيمَا يُجْمِعُونَ عَلَيْهِ مِنْ شَكْلِ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ هَذَا التَّعَطُّفِ عَلَيْهَا مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَوَجَدْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ اللهَ ﷿ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْعِبَادِ التَّشَاغُلَ عَنِ الصَّلَوَاتِ فِي آخِرِ أَوْقَاتِهَا إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنَ الْوَقْتِ إِلَّا مِقْدَارُ مَا تُؤَدَّى فِيهِ تِلْكَ الصَّلَاةُ، وَكَانَ مَنْ صَارَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مِنَ الْوَقْتِ، فَتَرَكَ الصَّلَاةَ، فَبَاعَ وَاشْتَرَى، فَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ جَائِزَانِ بِلَا اخْتِلَافٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا، فَلما كَانَ الْبَيْعُ فِي هَذَا الْوَقْتِ جَائِزًا أَوْ إِنْ كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي عُقِدَ فِيهِ مَنْهِيًّا عَنِ الْبَيْعِ فِيهِ كَانَ كَذَلِكَ الْبَيْعُ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الْبَيْعِ فِيهَا وَاللهُ أَعْلَمُ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا﴾ قَالَ اللهُ ﷿: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ﴾ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ

1 / 152