أحكام القرآن الكريم

الطحاوي ت. 321 هجري
57

أحكام القرآن الكريم

محقق

الدكتور سعد الدين أونال

الناشر

مركز البحوث الإسلامية التابع لوقف الديانة التركي

رقم الإصدار

الأولى

مكان النشر

استانبول

١٣٨ - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَلِيٍّ، ﴿وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾، " قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْمُسَافِرِ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ فَيَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي " هَكَذَا وَجَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِنَا، وَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَنَا فَيَتَيَمَّمُ، ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيُصَلِّي، وَلَوْلَا أَنَّ الْآثَارَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْبَابِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ فِي قَوْلِ اللهِ ﷿ ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ بَيَّنَتْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الصَّلَاةُ فِي عَيْنِهَا لَكِانَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهَا هُوَ مَوْطِنُهَا الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ، وَهُوَ الْمَسَاجِدُ، لِأَنَّهُ قَالَ ﷿: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾، ﴿وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ﴾، ﴿حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ إِذَا كُنْتُمْ سُكَارَى وَ﴿حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ إِذَا كُنْتُمْ جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ فِي الْجَنَابَةِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِي تَيَمُّمِ الْجُنُبِ عِنْدَ إِرَادَتِهِ دُخُولَ الْمَسْجِدِ لِلضَّرُورَةِ، قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ مِمَّنْ لَمْ نَجِدْ عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ مَا يُوَافِقُ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ﷿: ﴿وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، كَأَنَّهُ قَالَ ﷿: وَلَا جُنُبًا حَتَّى تَغْتَسِلُوا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ يَعْنِي: إِذَا كَانُوا أَبْنَاءَ سَبِيلٍ مُسَافِرِينَ، ثُمَّ بَيَّنَ مَا عَلَيْهِمْ إِذَا كَانُوا كَذَلِكَ بِقَوْلِهِ ﷿: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ الْآيَةُ وَهَذَا التَّأْوِيلُ بَعِيدٌ فِي الْمَعْنَى، وَالْمُتَقَدِّمُونَ كُلُّهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَنَسٌ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِمَّنْ ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى خِلَافِ هَذَا التَّأْوِيلِ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ﴾ قَالَ اللهُ ﷿: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ﴾،

1 / 116