أحكام عصاة المؤمنين من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية - كجك
الناشر
دار الكلمة الطيبة
رقم الإصدار
الأولى ١٤٠٥ هـ
سنة النشر
١٩٨٥ م
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
قال: وهذا خطأ، لأن التكفير نوعان: أحدهما: كفر النعمة. والثاني: الكفر بالله. والكفر الذي هو ضد الشكر: إنما هو كفر النعمة لا الكفر بالله، فإذا زال الشكر خلفه كفر النعمة، لا الكفر بالله.
قلت: على أنه لو كان ضد الكفر بالله، فمن ترك الأعمال شاكرا بقلبه ولسانه فقد أتى ببعض الشكر وأصله، والكفر إنما يثبت إذا عدم الشكر بالكلية، كما قال أهل السنة: إن من ترك فروع الإيمان لا يكون كافرا، حتى يترك أصل الإيمان. وهو الاعتقاد. ولا يلزم من زوال فروع الحقيقة –التي هي ذات عشب وأجزاء- زوال اسمها كالإنسان، إذا قطعت يده، أو الشجرة، إذا قطع بعض فروعها.
قال الصدر ابن المرحل: فإن أصحابك قد خالفوا الحسن البصري في تسمية الفاسق كافر النعمة، كما خالفوا الخوارج في جعله كافرا بالله.
قال الشيخ تقي الدين: أصحابي لم يخالفوا الحسن في هذا، فعمن تنتقل من أصحابي هذا؟ بل يجوز عندهم أن يسمى الفاسق كافر النعمة، حيث أطلقته الشريعة.
قال ابن المرحل: إني أنا ظننت أن أصحابك قد قالوا هذا، لكن أصحابي قد خالفوا الحسن في هذا.
قال الشيخ تقي الدين: -ولا أصحابك خالفوه، فإن أصحابك قد تأولوا أحاديث النبي ﷺ التي أطلق فيها الكفر على بعض الفسوق- مثل تارك الصلاة، وقتال المسلمين –على أن المراد به كمفر النعمة، فعلم أنهم يطلقون على المعاصي في الجملة أنها كفر النعمة، فعلم أنهم موافقون الحسن، لا مخالفوه.
1 / 79