أحكام عصاة المؤمنين من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية - كجك
الناشر
دار الكلمة الطيبة
رقم الإصدار
الأولى ١٤٠٥ هـ
سنة النشر
١٩٨٥ م
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
رسله من كلماته التي لا مبدل لها. كما قال في أوليائه: ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ﴾ فإنه ذكر أنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وأن لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة. فوعدهم بنفي المخافة والحزن، وبالبشرى في الدارين.
وقال بعد ذلك: ﴿لا مبدل لكلمات الله﴾ فكان في هذا تحقيق كلام الله الذي هو وعده، كما قال: ﴿فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ﴾ ١. وقال: ﴿وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ ٢. وقال المؤمنون: ﴿رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾ ٣ فإخلاف ميعاده تبديل لكماته.
يبين ذلك قوله تعالى: ﴿قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ، مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ ٤ فأخبر سبحانه أنه قدم إليهم بالوعيد، وقال: ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ﴾ وهذا يقتضي أنه صادق في وعيده أيضا وأن وعيده لا يبدل.
وهذا مما احتج به القائلون بأن فساق الملة لا يخرجون من النار وقد تكلمنا عليهم ف يغير هذا الموضع، لكن هذه الآية تضعف جواب من يقول: إن إخلاف الوعيد جائز، فإن قوله: ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ﴾ بعد قوله ﴿وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ﴾ دليل على أن وعيده لا يبدل، كما لا يبدل وعده.
لكن التحقيق الجمع بين نصوص الوعد والوعيد وتفسير بعضها ببعض من غير
_________
١-الآية ٤٧ الحجر.
٢- الآية ٦ الروم.
٣- الآية ١٩٤ آل عمران.
٤- الآية ٢٨ ق.
1 / 38