48

أحكام الزواج

سنة النشر

١٤٠٨ هجري

المائدة : (ولا متخذي أخدان) لما ذكر نساء أهل الكتاب، وفي الإماء لم يذكر إلا غير مسافحين؛ وذلك أن الإماء كن معروفات بالزنا دون الحرائر، فاشترط في نكاحهن أن يكن محصنات غير مسافحات، ولا متخذات أخدان، فدل ذلك أيضاً على أن الأمة التي تبغي لا يجوز تزوجها إلا إذا تزوجها على أنها محصنة يحصنها زوجها، فلا تسافح الرجال ولا تتخذ صديقاً. وهذا من أبين الأمور في تحريم نكاح الأمة الفاجرة مع ما تقدم.

وقد روي عن ابن عباس ﴿ محصنات﴾: عفائف غير زوان، ﴿ولا متخذات أخدان﴾: يعني أخلاء؛ كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا ويستحلون ما خفي.

وعنه رواية أخرى: ((المسافحات)): المعلنات بالزنا، ((والمتخذات أخدان)): ذوات الخليل الواحد.

قال بعض المفسرين: كانت المرأة تتخذ صديقاً تزني معه ولا تزني مع غيره.

فقد فسر ابن عباس هو وغيره من السلف المحصنات بالعفائف، وهو كما قالوا، وذكروا أن الزنا في الجاهلية كان نوعين: نوعاً مشتركاً، ونوعاً مختصاً. والمشترك ما يظهر في العادة، بخلاف المختص فإنه مستتر في العادة. ولما حرم الله المختص وهو شبيه بالنكاح، فإن النكاح تختص فيه المرأة بالرجل؛ وجب الفرق بين النكاح الحلال والحرام من اتخاذ الأخدان، فإن هذه إذا كان يزني بها وحدها لم يعرف أنها [لم يطأها غيره](٥٨)، ولم يعرف أن الولد الذي تلده منه، ولا يثبت لها خصائص النكاح.

فلهذا كان عمر بن الخطاب يضرب على ((نكاح السر))، فإن نكاح السر من جنس اتخاذ الأخدان شبيه به، لاسيما إذا زوجت نفسها بلا ولي ولا شهود وكتما ذلك، فهذا مثل الذي يتخذ صديقة ليس بينهما فرق ظاهر معروف عند الناس

(٥٨) ما بين المعقوفتين: أضيفت لاستقامة المعنى.

47