22

أحكام الزواج

سنة النشر

١٤٠٨ هجري

ولو رضيت إحداهما بنكاح الأخرى عليها لم يجز، فإن الطبع يتغير.

ولهذا لما عرضت أم حبيبة على النبي ﷺ أن يتزوج أختها، فقال لها النبي ﷺ: ((أو تحبين ذلك؟)) فقالت: لست لك بمخلية، وأحق من شركني في الخير أختي، فقال: ((إنها لا تحل لي )) فقيل له: انا نتحدث انك ناكح درة بنت أبي سلمة، فقال: ((لو لم تكن ربيبتي في حجري لما حلت لي، فإنها بنت أخي من الرضاع، أرضعتني وأباها أبا سلمة ثويبة أمة أبي لهب، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن)) (٢٣).

وهذا متفق عليه بين العلماء.

والضابط في هذا: ان كل امرأتين بينهما رحم محرم فإنه يحرم الجمع بينهما، بحيث لو كانت إحداهما ذكراً لم يجز له التزوج بالأخرى؛ لأجل النسب. فإن الرحم المحرم لها أربعة أحكام: حكمان متفق عليهما، وحكمان متنازع فيهما. فلا يجوز ملكهما بالنكاح، ولا وطؤهما. فلا يتزوج الرجل ذات رحمه المحرم، ولا يتسرى بها. وهذا متفق عليه؛ بل هنا يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب؛ فلا تحل له بنكاح؛ ولا ملك يمين؛ ولا يجوز له ان يجمع بينهما في ملك النكاح، فلا يجمع بين الأختين؛ ولا بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها. وهذا أيضاً متفق عليه. ويجوز له ان يملكهما؛ لكن ليس له ان يتسراهما. فمن حرم جمعهما في النكاح حرم جمعهما في التسري، فليس له ان يتسرى الأختين، ولا الأمة وعمتها، والأمة وخالتها. وهذا هو الذي استقر عليه قول أكثر الصحابة؛ وهو قول أكثر العلماء.

وهم متفقون على أنه لا يتسرى من تحرم عليه بنسب أو رضاع (٢٤) وإنما تنازعوا في الجمع، فتوقف بعض الصحابة فيها، وقال: أحلتهما آية؛ وحرمتهما

(٢٣) أخرجه البخاري في صحيحه، الباب ٢٥، ٢٦ من كتاب النكاح، والباب ١٦ من كتاب النفقات. وسنن أبي داود، الباب ٦ من كتاب النكاح.

(٢٤) في إحدى النسخ: تحرم عليه بنسب أو صهر.

21