77

أحكام الصيام

محقق

محمد عبد القادر عطا

الناشر

دار الكتب العلمية

سنة النشر

١٤٠٦ هجري

مكان النشر

بيروت

لانفراده من الشعور بما ليس عندهم لم يضر هذا، وإنما الشأن من الشعور بالفرقة والاختلاف.

وتحقيق ذلك العلم بالأهلة، فقال:

﴿هي مواقيت للناس ... والحج﴾

وهذا يدل على أنه أراد المعلوم ببصر، أو سمع، ولهذا ذهب الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين: إلا أنه إذا كانت السماء مصحية ولم يحصل أحد على الرؤية أنه ليس بشك، لانتفاء الشك في الهلال، وإن وقع شك في الطلوع. وذلك من وجهين:

أحدهما:

أن الهلال على وزن فعال. وهذا المثال في كلام العرب لما يفعل به كالازار لما يؤتزر به، والرداء: لما يرتدي به، والركاب: لما يركب به، والوعاء: لما يوعى فيه وبه، والسماد لما تسمد به الأرض والعصاب: لما يعصب به، والسداد لما يسد به، وهذا كثير مطرد في الأسماء.

فالهلال اسم لما يهل به: أي يصات به، والتصويت به لا يكون إلا مع إدراكه ببصر أو سمع، ويدل عليه قول الشاعر:

يهل بالفرقد ركبانها كما يهل الراكب المعتمر

أي: يصوتون بالفرقد، فجعلهم مهلين به، فلذلك سمي هلالاً. ومنه قوله: ﴿وما أهل به لغير الله﴾ أي صوت به، وسواء كان التصويت به رفيعاً أو خفيضاً، فإنه مما تكلم به، وجهر به لغير الله. ونطق به.

الوجه الثاني:

أنه جعلها مواقيت للناس، ولا تكون مواقيت لهم إلا إذا أدركوها ببصر أو سمع، فإذا انتفى الادراك انتفى التوقيت، فلا تكون أهلة، وهو غاية ما يمكن

77