أحكام الصيام
محقق
محمد عبد القادر عطا
الناشر
دار الكتب العلمية
سنة النشر
١٤٠٦ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
والسفل ، أو بين السعة والضيق، وذلك لأن العلو مستلزم للسعة، والضيق مستلزم للسفول، وعلم أن السماء فوق الأرض مطلقاً، لا يتصور أن تكون تحتها قط، وإن كانت مستديرة محيطة، وكذلك كلما علا كان أرفع وأشمل.
وعلم أن الجهة قسمان: قسم ذاتي، وهو العلو، والسفول فقط. وقسم إضافي: وهو من ينسب إلى الحيوان بحسب حركته: فما أمامه يقال له: امام، وما خلفه يقال له خلف، وما عن يمينه يقال له اليمين، وما عن يسرته يقال له اليسار، وما فوق رأسه يقال له فوق، وما تحت قدميه يقال له تحت، وذلك أمر إضافي. أرأيت لو أن رجلاً علق رجليه إلى السماء، ورأسه إلى الأرض، أليست السماء فوقه وإن قابلها برجليه؟! وكذلك النملة أو غيرها لو مشى تحت السقف مقابلاً له برجليه، وظهره إلى الأرض، لكان العلو محاذياً لرجليه، وإن كان فوقه، وأسفل سفالين ينتهي إلى جوف الأرض.
والكواكب التي في السماء، وإن كان بعضها محاذياً لرؤوسنا، وبعضها في النصف الآخر من الفلك، فليس شيء منها تحت شيء، بل كلها فوقنا في السماء، ولما كان الانسان إذا تصور هذا يسبق إلى وهمه السفل الإضافي، كما احتج به الجهمي الذي أنكر علو الله على عرشه، وخيل على من لا يدري أن من قال: أن الله فوق العرش فقد جعله تحت نصف المخلوقات، أو جعله فلكاً آخر تعالى الله عما يقول الجاهل.
فمن ظن أنه لازم لأهل الإسلام من الأمور التي لا تليق بالله، ولا هي لازمة، بل هذا يصدقه الحديث الذي رواه أحمد في مسنده، من حديث الحسن عن أبي هريرة، ورواه الترمذي في حديث الادلاء؛ فإن الحديث يدل على أن الله فوق العرش، ويدل على إحاطة العرش، وكونه سقف المخلوقات.
ومن تأوله على قوله هبط على علم الله، كما فعل الترمذي لم يدر كيف الأمر، ولكن لما كان من أهل السنة، وعلم أن الله فوق العرش، ولم يعرف صورة المخلوقات، وخشي أن يتأوله الجهمي أنه مختلط بالخلق، قال: هكذا، وإلا فقول
67