132

أحكام الصيام

محقق

محمد عبد القادر عطا

الناشر

دار الكتب العلمية

سنة النشر

١٤٠٦ هجري

مكان النشر

بيروت

والثالث : أنه يجزئه بنية مطلقة، لا بنية تعيين، غير رمضان، وهذه الرواية الثالثة عن أحمد، وهي اختيار الخرقي، وأبي البركات.

وتحقيق هذه المسألة: أن النية تتبع العلم، فإن علم أن غداً من رمضان فلا بد من التعيين في هذه الصورة. فإن نوى نفلاً أو صوماً مطلقاً لم يجزه: لأن الله أمره أن يقصد أداء الواجب عليه، وهو شهر رمضان الذي علم وجوبه، فإذا لم يفعل الواجب لم تبرأ ذمته.

وأما إذا كان لا يعلم أن غداً من شهر رمضان، فهنا لا يجب عليه التعيين، ومن أوجب التعيين مع عدم العلم فقد أوجب الجمع بين الضدين.

فإذا قيل إنه يجوز صومه وصام في هذه الصورة بنية مطلقة، أو معلقة أجزأه. وأما إذا قصد صوم ذلك تطوعاً، ثم تبين أنه كان من شهر رمضان، فالأشبه أنه يجزئه أيضاً، كمن كان لرجل عنده وديعة، ولم يعلم ذلك، فأعطاه ذلك على طريق التبرع، ثم تبين أنه حقه، فإنه لا يحتاج إلى إعطائه ثانياً، بل ذلك الذي وصل إليك هو حق كان لك عندي، والله يعلم حقائق الأمور. والرواية التي تروى عن أحمد أن الناس فيه تبع للإمام في نيته، على أن الصوم والفطر بحسب ما يعلمه الناس، كما في السنن عن النبي ﷺ أنه قال:

«صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون» (٤).

وقد تنازع الناس في «الهلال»: هل هو اسم لما يطلع في السماء وإن لم يره أحد؟ أو لا يسمى هلالاً حتى يستهل به الناس ويعلموه؟ على قولين في مذهب أحمد وغيره.

(٤) أخرجه: البخاري في صحيحه، الباب ٦٦ من كتاب الصوم، والباب ١٦ من كتاب الأضاحي. ومسلم في صحيحه، حديث ١٣٨ من كتاب الصيام. وأبو داود في سننه، الباب ٤٨ من كتاب الصوم، وابن ماجه في سننه الباب ٣٦ من كتاب الصيام. ومالك في الموطأ، حديث ٥ من كتاب العيدين. وأحمد بن حنبل في مسنده ٢٤/١، ٣٤، ٤٠:

132