12

أحكام الصيام

محقق

محمد عبد القادر عطا

الناشر

دار الكتب العلمية

سنة النشر

١٤٠٦ هجري

مكان النشر

بيروت

وكذلك أخبر عمن يظهر الانقياد لحكم الرسول ﷺ حيث يقول:

﴿لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا: آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك﴾ إلى قوله ﴿سماعون للكذب أكالون للسحت﴾(١١).

فإن الصواب أن هذه اللام لام التعدية، كما في قوله: ﴿أكالون للسحت﴾ . أي: قائلون للكذب، مريدون له وسامعون مطيعون لقوم آخرين غيرك، فليسوا مفردين لطاعة الله ورسوله. ومن قال: إن اللام لام كي، أي: يسمعون ليكذبوا، لأجل أولئك، فلم يصب. فإن السياق يدل على أن الأول هو المراد.

وكثيراً ما يضيع الحق بين الجهال الأميين، وبين المحرفين للكلم الذين فيهم شعبة نفاق كما أخبر سبحانه عن أهل الكتاب حيث قال:

﴿أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون﴾ إلى قوله: ﴿ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني﴾(١٢) الآية.

ولما كان النبي ﷺ قد أخبر: ((أن هذه الأمة تتبع سنن من قبلها حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه))(١٣) وجب أن يكون فيهم من يحرف الكلم عن مواضعه، فيغير معنى الكتاب والسنة فيما أخبر الله به، أو أمر به. وفيهم أميون لا يفقهون معاني الكتاب والسنة، بل ربما يظنون أن ما هم عليه من الأماني التي هي مجرد التلاوة، ومعرفة ظاهر من القول، هو غاية الدين.

ثم قد يناظرون المحرفين وغيرهم من المنافقين، أو الكفار، مع علم أولئك بما

(١١) سورة المائدة، آية: ٤٢

(١٢) سورة البقرة، آية: ٧٥.

(١٣) أخرجه البخاري في صحيحه، الباب ١٤ من كتاب الاعتصام. ومسلم في صحيحه، ٦ من كتاب العلم. وابن ماجة في سننه، الباب ١٧ من كتاب الفتن. وأحمد بن حنبل في مسنده ٢/ ٣٢٧، ٤٥٠، ٥١١، ٥٢٧، ٨٤/٣، ٨٩، ٩٤، ١٢٥/٤.

12