345

أحكام القرآن لبكر بن العلاء - رسائل جامعية

محقق

رسالتا دكتوراة بقسم القرآن وعلومه بكلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض

تصانيف

وقد كان أبو بكر وعلي ﵄ يختاران الوصية بدون (^١) الثلث (^٢)، وإذا كان المال قليلا بقي على الورثة؛ لأن المواريث (^٣) فريضة والوصية تطوع، وثواب الفريضة أعظم من ثواب التطوع، والله أعلم (^٤).

(^١) كذا في الأصل، ولعل الصواب: دون الثلث.
(^٢) روى هذين الأثرين عبدالرزاق في مصنفه: ٩/ ٦٦، وسعيد بن منصور في سننه بتحقيق الأعظمي: ١/ ١٠٧ كتاب الوصايا باب هل يوصي الرجل من ماله بأكثر من الثلث؟، والبيهقي في سننه: ٦/ ٢٧٠.
(^٣) جعل بإزاء هذا السطر في هامش المخطوط كلمة (الشيء) ووضع عليها صح ولم أعرف مكانها من السطر، إلا أن تكون: وإذا كان الشيء قليلًا بقي على الورثة.
(^٤) مسألة: مقدار كثير المال وقليله، قال ابن جرير: اختلفوا في مبلغ المال الذي إذا تركه الرجل كان ممن لزمه حكم هذه الآية - ثم ذكر أنه قيل: ألف درهم، وقيل: مابين الخمسمائة إلى الألف، وقيل: من قليل المال وكثيره، ثم رجح هذا القول الأخير - قال: لأن قليل المال وكثيره يقع عليه خير، ولم يحد الله ذلك بحد، ولا خص منه شيئًا فيجوز أن يحال ظاهر إلى باطن.
[انظر تفسير ابن جرير: ١/ ١٢٠، ١٢١].
ولكن ينبغي عند الوصية النظر للورثة عملًا بتوجيه الرسول ﷺ لسعد بن أبي وقاص، قال ابن قدامة: والذي يقوى عندي أنه متى كان المتروك لا يفضل عن غنى الورثة فلا تستحب الوصية؛ لأن النبي ﷺ علل المنع من الوصية بقوله: (أن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة)؛ ولأن إعطاء القريب المحتاج خير من إعطاء الأجنبي، فمتى لم يبلغ الميراث غناهم كان تركه لهم كعطيتهم إياه، فيكون ذلك أفضل من الوصية به لغيرهم، فعند هذا يختلف الحال باختلاف الورثة في كثرتهم وقلتهم وغناهم وحاجتهم فلا يتقيد بقدر من المال والله أعلم.
[المغني: ٨/ ٣٩٢، ٣٩٣].
وما ورد عن الصحابة - رضوان الله عليهم - في مسألة تحديد قليل المال وكثيره يمكن حمله على أنه أمر نسبي يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، قال ابن العربي: وقوله تعالى: ﴿إِنْ تَرَكَ خَيْرًا﴾: يعني مالًا، وقد اختلف الصحابة رضوان الله عليهم في تقديره، وذكر المفسرون والأحكاميون أقوالًا كلها دعاوى لا برهان عليها، والصحيح أن الحكم لم يختلف ولا يختلف بقلة المال وكثرته، بل يوصي من القليل قليلًا، ومن الكثير كثيرًا، وحيث ورد ذكر المال في القرآن فهو يسمى بالخير، وكذلك في الحديث.
[أحكام القرآن: ١/ ١٠٢].

1 / 345