أحكام القرآن للشافعي - جمع البيهقي ت عبد الخالق
الناشر
مكتبة الخانجي
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
«فَصْلٌ فِي النَّسْخِ»
(أَنَا) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: «إنَّ اللَّهَ خَلَقَ النَّاسَ لِمَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ مِمَّا أَرَادَ بِخَلْقِهِمْ وَبِهِمْ، (لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ: ١٣- ٤١) وَأَنْزَلَ الْكِتَابَ [عَلَيْهِمْ] (تِبْيانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ: ١٦- ٨٩) [وَ] فَرَضَ [فِيهِ] فَرَائِضَ أَثْبَتَهَا، وَأُخْرَى نَسَخَهَا، رَحْمَةً لِخَلْقِهِ بِالتَّخْفِيفِ عَنْهُمْ، وَبِالتَّوْسِعَةِ عَلَيْهِمْ.
زِيَادَةً فِيمَا ابْتَدَأَهُمْ بِهِ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَثَابَهُمْ عَلَى الِانْتِهَاءِ إلَى مَا أَثْبَتَ عَلَيْهِمْ: جَنَّتَهُ وَالنَّجَاةَ مِنْ عَذَابِهِ. فَعَمَّتْهُمْ رَحْمَتُهُ فِيمَا أَثْبَتَ وَنَسَخَ، فَلَهُ الْحَمْدُ عَلَى نِعَمِهِ. وَأَبَانَ اللَّهُ لَهُمْ أَنَّهُ إنَّمَا نَسَخَ مَا نَسَخَ مِنْ الْكِتَابِ بِالْكِتَابِ، وَأَنَّ السُّنَّةَ [لَا نَاسِخَةً لِلْكِتَابِ] وَإِنَّمَا هِيَ تَبَعٌ لِلْكِتَابِ بِمِثْلِ مَا نَزَلَ نَصًّا، وَمُفَسِّرَةً مَعْنَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْهُ جَمْلًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ، قالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحى إِلَيَّ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ: ١٠- ١٥) فَأَخْبَرَ اللَّهُ ﷿: أَنَّهُ فَرَضَ عَلَى نَبِيِّهِ اتِّبَاعَ مَا يُوحَى إلَيْهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ تَبْدِيلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَفِي [قَوْلِهِ: (مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي) بَيَانُ مَا وَصَفْتُ: مِنْ أَنَّهُ لَا يَنْسَخُ كِتَابَ اللَّهِ إلَّا كِتَابُهُ كَمَا كَانَ الْمُبْتَدِئُ لِفَرْضِهِ:
فَهُوَ الْمُزِيلُ الْمُثَبِّتُ لِمَا شَاءَ مِنْهُ (جَلَّ ثَنَاؤُهُ) وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ لِذَلِكَ «١» قَالَ: (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشاءُ وَيُثْبِتُ: ١٣- ٣٩) قِيلَ يَمْحُو فَرْضَ مَا يَشَاءُ [وَيُثْبِتُ فَرْضَ مَا يَشَاءُ] وَهَذَا يُشْبِهُ مَا قِيلَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي كِتَابِ اللَّهِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ: قَالَ
_________
(١) فى الرسَالَة: (ص ١٠٧): «وَكَذَلِكَ» . وَمَا بَين الأقواس المربعة مزِيد من الرسَالَة.
1 / 33