أحكام أهل الذمة (العلمية)
محقق
يوسف بن أحمد البكري - شاكر بن توفيق العاروري
الناشر
رمادى للنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ - ١٩٩٧
مكان النشر
الدمام
تصانيف
الفقه
وَالثَّانِي: تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ إِذَا قَدَرَ عَلَيْهَا.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى عَاجِزٍ عَنْهَا، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِنَّمَا فَرَضَهَا عُمَرُ ﵁ عَلَى الْفَقِيرِ الْمُعْتَمِلِ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَائِهَا بِالْكَسْبِ، وَقَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ كُلُّهَا تَقْتَضِي أَلَّا تَجِبَ عَلَى عَاجِزٍ كَالزَّكَاةِ وَالدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْخَرَاجِ وَ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: ٧]، وَلَا وَاجِبَ مَعَ عَجْزٍ وَلَا حَرَامَ مَعَ ضَرُورَةٍ.
فَإِنْ قِيلَ: نَحْنُ لَا نُكَلِّفُهُ بِهَا فِي حَالِ إِعْسَارِهِ بَلْ تَسْتَقِرُّ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، فَمَتَى أَيْسَرَ طُولِبَ بِهَا لِمَا مَضَى كَسَائِرِ الدُّيُونِ، قِيلَ: هَذَا مَعْقُولٌ فِي دُيُونِ الْآدَمِيِّينَ، وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَوْجَبَهَا عَلَى الْقَادِرِينَ دُونَ الْعَاجِزِينَ.
فَإِنْ قِيلَ: الْجِزْيَةُ أُجْرَةٌ عَنْ سُكْنَى الدَّارِ فَتَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ، قِيلَ: انْتِفَاءُ أَحْكَامِ الْإِجَارَةِ عَنْهَا جَمِيعِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِأُجْرَةٍ، فَلَا يُعْرَفُ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْإِجَارَةِ فِي الْجِزْيَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ عُمَرَ ﵁ أَجْرَى عَلَى السَّائِلِ الذِّمِّيِّ رِزْقَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَكَيْفَ يُكَلَّفُ أَدَاءَ الْجِزْيَةِ وَهُوَ يُرْزَقُ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ؟ !
1 / 160