أحكام أهل الذمة (العلمية)
محقق
يوسف بن أحمد البكري - شاكر بن توفيق العاروري
الناشر
رمادى للنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ - ١٩٩٧
مكان النشر
الدمام
تصانيف
الفقه
مُشْرِكِي الْعَرَبِ لِأَنَّ آيَةَ الْجِزْيَةِ نَزَلَتْ بَعْدَ عَامِ تَبُوكَ، وَكَانَتْ عُبَّادُ الْأَصْنَامِ مِنَ الْعَرَبِ كُلُّهُمْ قَدْ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ ﷺ مِمَّنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الْيَهُودِ وَمِنَ النَّصَارَى وَمِنَ الْمَجُوسِ.
قَالَ الْمُخَصِّصُونَ بِالْجِزْيَةِ لِأَهْلِ الْكِتَابِ: الْمُرَادُ مِنْ إِرْسَالِ الرُّسُلِ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ إِعْدَامُ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ مِنَ الْأَرْضِ وَأَنْ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٣]، وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾ [الأنفال: ٣٩]، وَمُقْتَضَى هَذَا أَلَّا يُقَرَّ كَافِرٌ عَلَى كُفْرِهِ، وَلَكِنْ جَاءَ النَّصُّ بِإِقْرَارِ أَهْلِ الْكِتَابِ إِذَا أَعْطَوُا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ، فَاقْتَصَرْنَا بِهَا عَلَيْهِمْ وَأَخَذْنَا فِي عُمُومِ الْكُفَّارِ بِالنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى قِتَالِهِمْ إِلَى أَنْ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ.
قَالُوا: وَلَا يَصِحُّ إِلْحَاقُ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ ; لِأَنَّ كُفْرَ الْمُشْرِكِينَ أَغْلَظُ مِنْ كُفْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ مَعَهُمْ مِنَ التَّوْحِيدِ وَبَعْضِ آثَارِ الْأَنْبِيَاءِ مَا لَيْسَ مَعَ عُبَّادِ الْأَصْنَامِ، وَيُؤْمِنُونَ بِالْمَعَادِ وَالْجَزَاءِ وَالنُّبُوَّاتِ بِخِلَافِ عَبَدَةِ الْأَصْنَامِ.
وَعَبَدَةُ الْأَصْنَامِ حَرْبٌ لِجَمِيعِ الرُّسُلِ وَأُمَمِهِمْ مِنْ عَهْدِ نُوحٍ إِلَى خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ ; وَلِهَذَا أَثَّرَ هَذَا التَّفَاوُتُ الَّذِي بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي حِلِّ الذَّبَائِحِ وَجَوَازِ الْمُنَاكَحَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ دُونَ عُبَّادِ الْأَصْنَامِ، وَلَا يَنْتَقِضُ هَذَا بِالْمَجُوسِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَ أَنْ يُسَنَّ بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجِزْيَةَ إِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَأَنَّهَا إِنَّمَا
1 / 95