أحكام أهل الذمة (العلمية)
محقق
يوسف بن أحمد البكري - شاكر بن توفيق العاروري
الناشر
رمادى للنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ - ١٩٩٧
مكان النشر
الدمام
تصانيف
الفقه
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي حُكْمِهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُقَرُّونَ بِهَا وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ: لَمْ يَكُنِ الشَّافِعِيُّ يَعْرِفُ حَقِيقَةَ أَمْرِ دِينِهِمْ، فَتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ بَانَ لَهُ أَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَرَجَعَ إِلَى ذَلِكَ وَأَلْحَقَهُمْ بِهِمْ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْمَرْوَزِيُّ هُوَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ، وَغَلِطَ مَنْ قَالَ: لَا يُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ وَيُقَرُّ الْمَجُوسُ بِهَا لِأَنَّ لَهُمْ شُبْهَةَ كِتَابٍ، وَهَذَا مِنَ الْعَجَبِ أَنْ يُقَرَّ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ النَّارَ، وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ لِلْعَالِمِ إِلَاهَيْنِ اثْنَيْنِ النُّورَ وَالظُّلْمَةَ، وَلَا يُؤْمِنُونَ بِبَعْثٍ وَلَا نُشُورٍ، وَلَا أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ، وَيَرَوْنَ نِكَاحَ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ، وَلَا يُؤْمِنُونَ بِرَسُولٍ وَلَا يُحَرِّمُونَ شَيْئًا مِمَّا يُحَرِّمُهُ الْأَنْبِيَاءُ وَلَا يُقَرُّ السَّامِرَةُ بِالْجِزْيَةِ مَعَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِمُوسَى وَالتَّوْرَاةِ، وَيَدِينُونَ بِهَا وَيُؤْمِنُونَ بِالْمَعَادِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَيُصَلُّونَ صَلَاةَ الْيَهُودِ وَيَصُومُونَ صَوْمَهُمْ، وَيَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِهِمْ، وَيَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ، وَيُحَرِّمُونَ مَا يُحَرِّمُهُ الْيَهُودُ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا يُخَالِفُونَ الْيَهُودَ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي مُوسَى وَإِنْ خَالَفُوهُمْ فِي الْإِيمَانِ بِالرُّسُلِ، فَإِنَّ السَّامِرَةَ لَا يُؤْمِنُونَ بِنَبِيٍّ غَيْرِ مُوسَى وَهَارُونَ وَيُوشِعَ وَإِبْرَاهِيمَ فَقَطْ، وَيُخَالِفُونَهُمْ فِي الْقِبْلَةِ، فَالْيَهُودُ تُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالسَّامِرَةُ تُصَلِّي إِلَى جَبَلِ عِزُونَ بِبَلَدِ نَابُلُوسَ وَتَزْعُمُ أَنَّهَا الْقِبْلَةُ الَّتِي أَمَرَ
1 / 229