أحاديث تعظيم الربا على الزنا «دراسة نقدية»
الناشر
دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٠ هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
والتوقي، ومن تأمل كلامه في الجرح والتعديل علم ورعه وإنصافه، فإنَّ أكثرَ ما يقولُ: منكر الحَدِيث، سكتوا عنه، فيه نظر، تركوه ونحو هذا، وقلَّ أن يقولَ: فلان كذاب، أو يضع الحَدِيث، بل إذا قَالَ ذلك عزاه إلى غيره بقوله: كذبه فلان، رماه فلان بالكذب، حتى أنه قَالَ: من قلتُ فيه في حديثه نظر فهو متهم، ومن قلتُ فيه منكر الحَدِيث فلا تحل الرواية عنه» (١).
قَالَ الذهبيّ: «وَقَالَ بكر بن منير: سمعتُ أبا عبد الله البخاري يقولُ: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدًا، قلتُ: صَدَقَ ﵀، ومَنْ نَظَرَ في كلامهِ في الجرح والتعديل علم ورعه في الكلام في الناس وإنصافه فيمن يضعفه فإنه أكثر ما يقول: منكر الحَدِيث، سكتوا عنه، فيه نظر، ونحو هذا وقلّ أن يقول: فلان كذاب، أو كان يضع الحَدِيث، حتى إنه قَالَ: إذا قلت فلان في حديثه نظر فهو متهم واه، وهذا معنى قوله: لا يحاسبني الله أني اغتبت أحدًا، وهذا هو والله غاية الورع» (٢).
والبخاريّ إنما حَكَمَ عليه بناءً على تتبع أحاديثه والنظر فيها وهذه طريقة كبار النقاد، كما قالَ ابنُ أبي حَاتِم: «سَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيث رَوَاهُ عَبْدُالْكَرِيمِ بنُ عبد الكريم النَّاجِي، عَنْ الحَسَنِ بن مُسْلِم، عَنْ الحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النَّبِيّ ﷺ قَالَ: مَنْ حَبَسَ الْعِنَبَ أَيَّامِ الْقِطَافِ لِيَبِيعَ مِنْ يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ إِلاّ كَانَ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَقْتٌ، قَالَ أَبِي: هَذَا حَدِيث كَذِبٌ باطلٌ، قُلْتُ: تَعْرِفُ عَبْدَ الْكَرِيمِ هَذَا؟ قَالَ: لا، قُلْتُ: فتَعْرِفُ الحَسَنَ بنَ مُسْلِم؟ قَالَ: لا، ولكَنْ تَدُلُ رِوَايَتُهُمْ عَلَى
_________
(١) تغليق التعليق (٥/ ٣٩٧).
(٢) سير أعلام النبلاء (١٢/ ٤٣٩).
1 / 86