كان يختصهما بعنايته، فلم يجد سوى ريشهما وبعض عظامهما، وإنه لا يستطيع أن يتهم أحدا سوى الحمل الذي بات في الخم، ودفع الحمل التهمة بقوله: إنه أمضى كل الليل مستغرقا في النوم في بيت الدجاج كعادته؛ لما بينه وبين الساكنين هناك من أواصر الألفة والوداد، لانعدام أسباب العداء بينه وبينهم، وطلب استدعاء الجيران، وكل أهل الضيعة؛ لكي يقرروا أمام المحكمة ما يعلمونه عن أخلاقه وسيرته، حتى يطمئن قلب حضرة القاضي إلى براءته من هذه التهمة الشنيعة، وعلاوة على ذلك، فإنه يقرر أمام المحكمة أنه لم يذق لحما، لا هو ولا أجداده؛ لأن معدهم لا تهضمه، وأسنانهم لا تقوى على مضغه.
وأنصت القاضي بكل جوارحه إلى أقوال المتهم ثم أطرق متظاهرا بالتفكير العميق، ثم هز رأسه، شأن الأسوف،
6
وحدد نظره إلى الحمل، ونطق بالحكم قائلا: «إن المحكمة لا يسعها قبول دفاع المدعى عليه؛ فكل المجرمين يعرفون كيف يسترون جرائمهم؛ ليبرئوا أنفسهم، وباعتراف المتهم ذاته قد ثبت للمحكمة أنه قضى ليلة الحادثة في بيت الدجاج، وأنه نام هناك نوما هنيئا، طبعا، بعدما أشبع شهوته بأكل لحم فريستيه، وكلنا نعرف ما للذة لحم الفراخ من إغراء جامح، فبناء عليه، أرى - من العدل - أن أحكم على المتهم بالذبح، وأن تستولي المحكمة على جثته، أما جزته فيعطاها المدعي تعويضا عن دجاجتيه، وليحي العدل!»
العقاب والعنكبوت
دوم العقاب
1
في كبد السماء، ثم انضرج
2
حتى حط على أرزة سامقة،
صفحة غير معروفة