فقال له: أخبرني عن ذنبك، فقال: يا رسول الله، إني كنت من الذين يقتلون بناتهم، فولدت لي بنت فتشفعت إلي امرأتي أن أتركها فتركتها حتى كبرت وأدركت، وصارت من أجمل النساء فخطبوها، فدخلتني الحمية ولم يحتمل قلبي أن أزوجها أو أتركها في البيت بغير زواج، فقلت للمرأة: إني أريد أن أذهب إلى قبيلة كذا و كذا في زيارة أقربائي فابعثيها معي، فسرت بذلك وزينتها بالثياب والحلي، وأخذت علي المواثيق بألا أخونها. فذهبت إلى رأس بئر فنظرت في البئر ففطنت الجارية أني أريد أن ألقيها في البئر فالتزمتني، وجعلت تبكي وتقول: يا أبت إيش تريد أن تفعل بي؟ فرحمتها، ثم نظرت في البئر فدخلت علي الحمية، ثم التزمتني وجعلت تقول: يا أبت لا تضيع أمانة أمي، فجعلت مرة أنظر في البئر ومرة أنظر إليها فأرحمها حتى غلبني الشيطان فأخذتها وألقيتها في البئر منكوسة، وهي تنادي في البئر: يا أبت، قتلتني.
فمكثت هناك حتى انقطع صوتها فرجعت. فبكى رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه، وقال: " لو أمرت أن أعاقب أحدا بما فعل في الجاهلية لعاقبتك " (22). وفي شأن هؤلاء أنزل الله تعالى:
(وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم ".
(النحل / 58).
قال ابن الأثير في ترجمة صعصعة من أسد الغابة ما موجزه:
صعصعة بن ناجية جد الفرزدق همام بن غالب الشاعر وكان من أشراف بني تميم وكان في الجاهلية يفتدي الموؤودات وقد مدحه الفرزدق بذلك في قوله:
وجدي الذي منع الوائدات * وأحيا الوئيد فلم توأد قال: قدمت على النبي صلى الله عليه وآله فعرض علي الاسلام فأسلمت وعلمني آيات من القرآن، فقلت: يا رسول الله إني عملت أعمالا في الجاهلية فهل لي فيها من أجر؟ قال: وما عملت؟ قلت: ضلت ناقتان لي عشراوان فخرجت
صفحة ٣١