الأغاني
محقق
علي مهنا وسمير جابر
الناشر
دار الفكر للطباعة والنشر
مكان النشر
لبنان
رأي يزيد بن عبد الملك في غناء معبد وابن سريج
قال يزيد بن عبد الملك يوما لمعبد يا أبا عباد إني أريد أن أخبرك عن نفسي وعنك فإن قلت فيه خلاف ما تعلم فلا تتحاش أن ترده علي فقد أذنت لك قال يا أمير المؤمنين لقد وضعك ربك بموضع لا يعصيك إلا ضال ولا يرد عليك إلا مخطئ قال إن الذي أجده في غنائك لا أجده في غناء ابن سريج أجد في غنائك متانة وفي غنائه انخناثا ولينا قال معبد والذي أكرم أمير المؤمنين بخلافته وارتضاه لعباده وجعله أمينا على أمة نبيه صلى الله عليه وسلم ما عدا صفتي وصفة ابن سريج وكذا يقول ابن سريج وأقول ولكن إن رأى أمير المؤمنين أن يعلمني هل وضعني ذاك عنده فعل قال لا والله ولكني أوثر الطرب على كل شيء قال يا سيدي فإذا كان ابن سريج يذهب إلى الخفيف من الغناء وأذهب أنا إلى الكامل التام فأغرب أنا ويشرق هو فمتى نلتقي قال أفتقدر أن تحكي رقيق ابن سريج قال نعم فصنع من وقته لحنا من الخفيف في
( ألا لله قوم ولدت
أخت بني سهم )
الأربعة الأبيات فغناه فصاح يزيد أحسنت والله يا مولاي أعد فداك أبي وأمي فأعاد فرد عليه مثل قوله الأول فأعاد ثم قال أعد فداك أبي وأمي فأعاد فاستخفه الطرب حتى وثب وقال لجواريه افعلن كما أفعل وجعل يدور في الدار ويدرن معه وهو يقول
( يا دار دوريني
يا قرقر امسكيني )
( آليت منذ حين
حقا لتصرميني )
( ولا تواصليني
بالله فارحميني )
( لم تذكري يميني )
قال فلم يزل يدور كما يدور الصبيان ويدرن معه حتى خر مغشيا عليه ووقعن فوقه ما يعقل ولا يعقلن فابتدره الخدم فأقاموه وأقاموا من كان على ظهره من جواريه وحملوه وقد جادت نفسه أو كادت
ولدا عمر جوان وأمة الواحد
رجع الخبر إلى ذكر عمر بن أبي ربيعة وكان لعمر بن أبي ربيعة ابن صالح يقال له جوان وفيه يقول العرجي
( شهيدي جوان على حبها
أليس بعدل عليها جوان )
فأخبرني الحرمي قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا يحيى بن محمد بن عبد الله بن ثوبان قال
جاء جوان بن عمر بن أبي ربيعة إلى زياد بن عبد الله الحارثي وهو إذ ذاك أمير على الحجاز فشهد عنده بشهادة فتمثل
( شهيدي جوان على حبها
أليس بعدل عليها جوان )
وهذا الشعر للعرجي ثم قال قد أجزنا شهادتك وقبله وقال غير الزبير إنه جاء إلى العرجي فقال له يا هذا ما لي ومالك تشهرني في شعرك متى أشهدتني على صاحبتك هذه ومتى كنت أنا أشهد في مثل هذا قال وكان أمرأ صالحا
صفحة ٧٧