أضواء على السنة المحمدية

محمود أبوريه ت. 1390 هجري
95

أضواء على السنة المحمدية

تصانيف

ونذكر من كل نوع منها مثالا أو أمثلة يستدل بها على غيرها إن شاء الله (1) . قال البطليوسي : اعلم أن الحديث المأثور عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعن أصحابه والتابعين لهم ، تعرض له " ثمانى علل " - أولاها : فساد الاسناد ، (الثانية) من جهة نقل الحديث على معناه دون لفظه ، (والثالثة) من جهة الجهل بالاعراب ، (والرابعة) من جهة التصحيف ، (والخامسة) من جهة إسقاط شئ في الحديث لا يتم المعنى إلا به ، (والسادسة) أن ينقل المحدث الحديث ويغفل نقل السبب الموجب له ، أو بسط الامر الذي جر ذكره ، (السابعة) أن يسمع المحدث بعض الحديث ويفوته سماع بعضه ، (الثامنة) نقل الحديث من الصحف دون المشايخ (2) . العلة الاولى وهي فساد الاسناد ، وهذه العلة أشهر العلل عند الناس حتى إن كثيرا منهم يتوهم (3) أنه إذا صح الاسناد صح الحديث ! وليس كذلك فإنه قد يتفق أن يكون رواة الحديث مشهورين بالعدالة ، معروفين بصحة الدين والامانة ، غير مطعون عليهم ، ولا مستراب بنقلهم ، ويعرض مع ذلك لاحاديثهم أعراض على وجوه شتى من غير قصد منهم إلى ذلك - والاسناد يعرض له الفساد من أوجه : (منها) الارسال وعدم الاتصال ، (ومنها) أن يكون بعض رواته صاحب بدعة ، أو متهما بكذب وقلة ثقة ، أو مشهورا ببله وغفلة ، أو يكون متعصبا لبعض الصحابة منحرفا عن بعضهم ، فإن كان مشهورا بالتعصب ثم روى حديثا في تفضيل من يتعصب له ، ولم يرد من غير طريقه ، لزم أن يستراب به ، وذلك أن إفراط عصبية الانسان لمن يتعصب له وشدة محبته يحمله على افتعال الحديث ، وإن لم يفتعله بدله وغير بعض حروفه . . . ومما يبعث على الاسترابة

---

(1) وننقل هذه العلل باختصار من أصل كتاب البطليوسي . (2) قد لا يصح أن يعد ذلك من علل الحديث ، فقد ذهب الفقهاء كافة إلى أنه لا يتوقف العمل بالحديث على سماعه . وقال أبو إسحاق الاسفرائيني : الاجماع على جواز النقل من الكتاب المعتمدة ، وقال الطبري : من وجد حديثا في كتاب صحيح جاز له أن يرويه ويحتج به ، وكذلك قال العز بن عبد السلام . (3) ومنهم حشوية دهرنا الذين يظهرون بين الناس في لباس العلماء . (*)

--- [ 99 ]

صفحة ٩٨