الله عليه وسلم فقلت له : إن الناس خاضوا في كذا وكذا فرفع النبي يديه حتى نظرت إلى بياض إبطه وقال : اللهم لا أحل لهم أن يكذبوا على ، قال المقنع فلم أحدث بحديث عن النبي إلا حديثا نطق به كتاب أو جرت به سنة (1) . وهذا لمن يكذب عليه في حياته ! فكيف بعد موته ؟ - والاخبار في ذلك كثيرة . الكذب على النبي بعد موته صلوات الله عليه وإذا كان قد كذب عليه في حياته ، فإن الكذب قد كثر عليه وفشا بعد وفاته والصحابة متوافرون والدين غض والناس ناس ، وقد استفاض هذا الكذب بعد موت عمر لانه كما علمت كان يخيف الناس حتى أفزعت كثرة ما نسب إلى رسول الله من أحاديث - كبار الصحابة وأمضتهم . فقد روى مسلم في مقدمة كتابه بسنده عن طاووس قال : جاء هذا إلى ابن عباس (يعنى بشير (2) بن كعب) فجعل يحدثه ، فقال له ابن عباس : عد لحديث كذا وكذا ، فعاد ، فقال له : عد لحديث كذا وكذا ، فعاد له ، فقال : ما أدرى ؟ أعرفت حديثى كله وأنكرت هذا ؟ أم أنكرت حديثى كله وعرفت هذا ؟ فقال ابن عباس : إنا كنا نحدث عن رسول الله إذ لم يكن يكذب عليه ! فلما ركب الناس الصعبة والذلول تركنا الحديث عنه (3) . وجاء بشير بن كعب العدوى إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول : قال رسول الله ، قال رسول الله : قال فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه فقال : يا ابن عباس مالى أراك لا تسمع لحديثي ؟ أحدثك عن رسول الله ولا تسمع ! قال
---
(1) أي سنة عملية إذا لم تكن تعرف حينئذ إلا بذلك وفي هذا القول فوائد كثيرة يدركها كل ذى لب . (2) بشير مصغر بشر مخضرم يروى عن أبى ذر وأبى الدرداء وثقه ابن سعد والنسائي . وانظر فصل " الوضع في الحديث وأسبابه " فيما بعد . (3) إذا كان الناس قد ركبوا الصبعة والذلول في عهد ابن عباس ، فترى ماذا يكون الامر بمن جاءوا بعد هذا العهد ؟ . وفيما نقلناه لك من قول أبى بكر أنهم يحدثون عن رسول الله أحاديث يختلفون فيها ! (*)
--- [ 67 ]
صفحة ٦٦