مرضية ، وفي الشريعة هي الطريقة المسلوكة في الدين في غير افتراض ولا وجوب ، فالسنة ما واظب النبي عليها مع الترك أحيانا ، فإن كانت المواظبة المذكورة على سبيل العبادة فسنن الهدى ، وإن كانت على سبيل العادة فسنن الزوائد . وسنة رسول الله هي ما كان عليه هو وخاصة أصحابه عملا وسيرة ، وهذه السنة تعرف من الصحابة بالعمل والاخبار ، كنحو : من السنة كذا . ثم اصطلح المحدثون على تسمية كلام الرسول " حديثا وسنة " اه أي أنه اصطلاح مستحدث لا تعرفه اللغة ولا يستعمل في أدبها وقد جرينا على هذا الاصطلاح في تسمية كتابنا هذا وفيما يجرى حديثنا فيه - وكان الحق أن نسميه - دفاعا عن الحديث لانه وضع في الحقيقة من أجل ذلك وقد زدناها في تسمية هذه الطبعة . وقالوا السنة تطلق في الاكثر على ما أضيف إلى النبي ، من قول أو فعل أو تقرير . مكان السنة في الدين جعلوا السنة القولية في الدرجة الثالثة من الدين ، وأنها تلى السنة العملية ، وهذه تلى القرآن في المرتبة ، ذلك بأن القرآن قد جاء من طريق متواتر بحيث لا يتطرق إليه الشك ، فهو من أجل ذلك مقطوع به جملة وتفصيلا . أما السنة فقد جاءت من طريق غير متواتر ، فهى مظنونة في تفصيلها ، وإن كان مقطوعا بجملتها ، وأما الذى هو في الدرجة الثانية من الدين فهو السنة العملية . قال الامام الشاطبي في الموافقات (1) : رتبة السنة التأخر عن الكتاب في الاعتبار ، والدليل على ذلك أمور : أحدها - أن الكتاب مقطوع به ، والسنة مظنونة ، والقطع بها إنما يصح في الجملة لا في التفصيل ، بخلاف الكتاب فإنه مقطوع به في الجملة والتفصيل ، والمقطوع به مقدم على المظنون ، فلزم من ذلك تقديم الكتاب على السنة .
---
(1) ص 3 وما بعدها ج 4 . (*)
--- [ 40 ]
صفحة ٣٩