92

أضواء البيان في تفسير القرآن

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

المنافقين متصفون بالصمم، والبكم، والعمى، ولكنه تعالى بين في موضع آخر أن معنى صممهم، وبكمهم، وعماهم، هو عدم انتفاعهم بأسماعهم، وقلوبهم، وأبصارهم، وذلك في قوله جل وعلا: ﴿وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٢٦)﴾. • وقوله تعالى: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ﴾ الآية، الصيب: المطر، وقد ضرب الله في هذه الآية مثلا لما جاء به محمد ﷺ من الهدى والعلم بالمطر، لأن بالعلم والهدى حياة الأرواح، كما أن بالمطر حياة الأجسام. وأشار إلى وجه ضرب هذا المثل بقوله جل وعلا: ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا﴾. وقد أوضح ﷺ هذا المثل المشار إليه في الآيتين في حديث أبي موسى المتفق عليه، حيث قال ﷺ: "إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل غيث أصاب أرضا، فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها، وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ. فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه الله بما بعثني به، فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به". • وقوله تعالى: ﴿فِيهِ ظُلُمَاتٌ﴾ ضرب الله تعالى في هذه الآية

1 / 60