أضواء البيان في تفسير القرآن
الناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
مكان النشر
دار ابن حزم (بيروت)
تصانيف
الزائد على الحاجة وسد الخلة التي لا بد منها، وذلك كقوله: ﴿وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ﴾، والمراد بالعفو الزائد على قدر الحاجة التي لا بد منها على أصح التفسيرات، وهو مذهب الجمهور.
ومنه قوله تعالى: ﴿حَتَّى عَفَوْا﴾ أي كثروا وكثرت أموالهم وأولادهم. وقال بعض العلماء: [العفو] [١] نقيض الجهد، وهو أن ينفق ما لا يبلغ إنفاقه منه الجهد واستفراغ الوسع. ومنه قول الشاعر:
خذي العفو مني تستديمي ... مودتي ولا تنطقي [في] [٢] سورتي حين أغضب
وهذا القول راجع إلى ما ذكرنا، وبقية الأقوال ضعيفة.
وقوله تعالى: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ فنهاه عن البخل بقوله: ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ﴾، ونهاه عن الإسراف بقوله: ﴿وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْط﴾ فيتعين الوسط بين الأمرين، كما بينه بقوله: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (٦٧)﴾ فيجب على المنفق أن يفرق بين الجود والتبذير، وبين البخل والاقتصاد، فالجود: غير التبذير، والاقتصاد: غير البخل، فالمنع في محل الإعطاء مذموم، وقد نهى الله عنه نبيه ﷺ بقوله ﴿وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ﴾ والإعطاء في محل المنع مذموم أيضا، وقد نهى الله عنه نبيه ﷺ بقوله: ﴿وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ﴾ وقد قال الشاعر:
لا تمدحن [٣] ابن عباد وإن هطلت ... يداه كالمزن حتى تخجل الديما
فإنها فلتات [٤] من وساوسه ... يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما
وقد بين تعالى في مواضع أخر: أن الإنفاق المحمود لا
قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: [١] سقطت كلمة «العفو» من المطبوع، واستدركناها من طبعة المدني. [٢] سقطت كلمة «في» من المطبوع. [٣] في المطبوع: «من فلتات»، وهي على الصواب في طبعة المدني. [٤] في المطبوع: «نمدحن»، وهي على الصواب في طبعة المدني.
1 / 56