أضواء البيان في تفسير القرآن
الناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
مكان النشر
دار ابن حزم (بيروت)
تصانيف
في هذا البابِ، حتى يُخَيَّلَ إليكَ أن المترجمَ واحدٌ من أولئك السلفِ الصالحِ الْمُقْتَدَى بهم في العلمِ والعملِ، والزهدِ والورعِ.
كان الشيخُ ﵀ يقول: "الَّذِي يُفْرِحُنَا أنه لو كانت الدنيا مَيْتَةً لأباحَ اللَّهُ منها سَدَّ الخَلَّةِ" "ويُحَذِّرُ ابنَه مِنْ جَمْعِهَا والحرصِ عليها بحجةِ التصدقِ، وبناءِ المدارسِ، والأربطةِ، لأنها كالماءِ الملحِ، وَاللَّهُ ﷿ لم يُوجِبْ على العبدِ جمعَ المالِ من أجلِ التصدقِ به، مع أن الواقعَ في الغالبِ أن العبدَ إذا جَمَعَ المالَ لا يُعْطِيهِ للناسِ" (^١).
وقال الشيخُ ﵀: "وأنا أَقْدَرُ الناسِ على أن أكونَ أَغْنَى الناسِ، وَتَرَكْتُ الدنيا لأني أعلمُ أنه إذا تلطخَ بها العبدُ لا يَنْجُو منها، إلا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ".
وكان الشيخُ ﵀ لا يُبْقِي عندَه من المالِ إلا ما يَكْفِيهِ في الشهرِ، ويوزعُ ما زَادَ على ذلك على فقراءِ الطلبةِ، والعجزةِ، والأراملِ من قرابتِه، وكان يقول: "وَاللَّهِ لو عندي قوتُ يَوْمِي ما أخذتُ رَاتِبًا من الجامعةِ، ولكنني مُضْطَرٌّ، لا أعرفُ أشتغلُ بيدي، وأنا شايبٌ ضعيفٌ".
ولم يكن الشيخُ ﵀ يبيعُ كُتُبَهُ التي أَلَّفَهَا، وكان يقول: "عِلْمٌ نَتْعَبُ عليه ويباعُ وأنا حَيٌّ؟ لا يمكنُ هذا، ولكن أنا أَدْفَعُ العلمَ، وواحدٌ يدفعُ الفلوسَ، وَيُوَزِّعُ للناسِ مجانًا. وأنا أعلمُ أنه سيصلُ إلى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ، ولكن سيصلُ أيضا إلى مَنْ لَا يستطيعُ الحصولَ عليه بالفلوسِ" (^٢).
_________
(^١) هذا الكلام خلاصة لبعض كلام الشيخ ﵀ رواية ابنه عبد الله.
(^٢) قال شيخنا بكر أبو زيد في كتابه "فقه النوازل - رسالة حق التأليف": (٢/ ١٨٣): =
المقدمة / 31