235

الأذكار النووية أو «حلية الأبرار وشعار الأخيار في تلخيص الدعوات والأذكار المستحبة في الليل والنهار»

محقق

محيي الدين مستو

الناشر

دار ابن كثير

الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م

مكان النشر

دمشق - بيروت

اللَّهَ لا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ ولا بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذّبُ بِهَذَا أَوْ يَرْحَمُ، وأشار إلى لسانه ﷺ".
[٧/ ٣٩٧] وروينا في صحيحيهما، عن أُسامة بن زيد ﵄؛
أن رسول الله ﷺ رُفِعَ إليه ابنُ ابنته وهو في الموت، ففاضت عينا رسول الله ﷺ، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟! قال: "هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَها اللَّهُ تَعالى في قُلوبِ عِبَادِهِ، وإنمَا يَرْحَمُ اللَّهُ تَعالى مِنْ عِبادِهِ الرُّحَماءَ".
قلت: الرحماء: رُوي بالنصب والرفع، فالنصبُ على أنه مفعول يرحم، والرفع على أنه خبر إنّ، وتكون ما بمعنى الذي.
[٨/ ٣٩٨] وروينا في صحيح البخاري، عن أنس ﵁؛
أن رسول الله ﷺ دخل على ابنه إبراهيم ﵁ وهو يجود بنفسه، فجعلتْ عينا رسول الله ﷺ تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسولَ الله؟! فقال: "يا بْنَ عَوْفٍ! إِنَها رَحْمَةٌ" ثم أتبعها بأخرى فقال: "إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ ما يُرْضِي رَبَّنا، وَإنَّا بِفِرَاقِكَ يا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ" والأحاديث بنحو ما ذكرته كثيرة مشهورة.
وأما الأحاديث الصحيحة: أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، فليست على ظاهرها وإطلاقها، بل هي مؤوّلة واختلف العلماء في تأويلها على أقوال: أظهرها - والله أعلم - أنها محمولة على أن يكون له سبب في البكاء إما بأن يكون أوصاهم به، أو غير ذلك، وقد جمعت كل ذلك أو معظمه في كتاب الجنائز من شرح المهذب، والله أعلم.

[٣٩٧] البخاري (١٢٨٤). ومسلم (٩٢٣)، والنسائي ٤/ ٢٢.
[٣٩٨] البخاري (١٣٠٣)، ومسلم روى بعضه برقم (٢٣١٥)، وأبو داود (٣١٢٦)، ومعنى "دخل على ابنه إبراهيم" أي دخل دار ظئره أبي سيف القين. وإبراهيم ﵁ أمه مارية القبطية.

1 / 253