53

ن من القرون لنا بصائر

لما رأيت مواردا

للموت ليس لها مصادر

ورأيت قومي نحوها

يمضي الأصاغر والأكابر

لا يرجع الماضي إلي

ي ولا من الباقين غابر

أيقنت أني لا محا

لة حيث صار القوم صائر (60) وأصيبت أعرابية بابنها وهي حاجة فلما دفنته قامت على قبره وقالت

والله يا بني، لقد غذوتك رضيعا، وفقدتك سريعا، وكأنه لم يكن بين الحالين مدة ألتذ بعيشك فيها، فأصبحت بعد النضارة والغضارة ورونق الحياة والتنسم في طيب روائحها، تحت أطباق الثرى جسدا هامدا، ورفاتا سحيقا، وصعيدا جرزا. أي بني، لقد سحبت الدنيا عليك أذيال الفنا، وأسكنتك دار البلى، ورمتني بعدك نكبة الردى. أي بني، لقد أسفر لي عن وجه الدنيا صباح داج ظلامه. ثم قالت: أي رب، ومنك العدل، ومن خلقك الجور، وهبته لي قرة عين، فلم تمتعني به كثيرا، بل سلبتنيه وشيكا، ثم أمرتني بالصبر، ووعدتني عليه الأجر، فصدقت وعدك، ورضيت قضاءك، فرحم الله من تراحم على من استودعته الردم، ووسدته الثرى! اللهم ارحم غربته، وآنس وحشته، واستر عورته، يوم تكشف الهنات والسوءات.

صفحة غير معروفة