الآداب الشرعية والمنح المرعية

شمس الدين بن مفلح ت. 763 هجري
140

الآداب الشرعية والمنح المرعية

الناشر

عالم الكتب

رقم الإصدار

الأولى

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

التصوف
وَالْعَافِيَةُ تَجْمَعُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ نَفْسِكَ. وَهَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ وَهُوَ مَوْجُودٌ مَحْسُوسٌ بِالْحِسِّ الْبَاطِنِ لِلْمُؤْمِنِ وَمَا مِنْ مُؤْمِنٍ إلَّا وَقَدْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَعْرِفُ بِهِ مَا ذَكَرْنَاهُ، فَإِنَّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ الذَّوْقِ وَالْوَجْدِ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا مَنْ كَانَ لَهُ ذَوْقٌ وَحِسٌّ، وَلَفْظُ الذَّوْقِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُظَنَّ أَنَّهُ فِي الْأَصْلِ مُخْتَصٌّ بِذَوْقِ اللِّسَانِ فَاسْتِعْمَالُهُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِحْسَاسِ بِالْمُلَائِمِ وَالْمُنَافِي، كَمَا أَنَّ لَفْظَ الْإِحْسَاسِ عَامٌّ فِيمَا يُحَسُّ بِالْحَوَاسِّ الْخَمْسِ، بَلْ وَبِالْبَاطِنِ. وَأَمَّا فِي اللُّغَةِ فَأَصْلُهُ الرُّؤْيَةُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ﴾ [مريم: ٩٨] . وَهَذَا الْكَلَامُ بِتَمَامِهِ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى دَعْوَةِ ذِي النُّونِ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ﴿لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٧] وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ﵁ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ «فَإِنَّهَا لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ» . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَالْأَرْضِ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمُ» وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ. قَالَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ» . وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إذَا أَهَمَّهُ الْأَمْرُ رَفَعَ طَرْفَهُ إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَإِذَا اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ قَالَ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ» رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ وَإِسْنَادُ الثَّانِي ضَعِيفٌ. وَرَوَى النَّسَائِيُّ الْأَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرٍ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَعَنْ عَلِيٍّ ﵁ قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَاتَلْتُ شَيْئًا مِنْ قِتَالٍ ثُمَّ جِئْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ

1 / 141