الآداب الشرعية والمنح المرعية

شمس الدين بن مفلح ت. 763 هجري
126

الآداب الشرعية والمنح المرعية

الناشر

عالم الكتب

رقم الإصدار

الأولى

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

التصوف
سَبَبًا لِذَلِكَ فَلَيْسَ الْمُكَفِّرُ حَسَنَاتٍ وَلَا مَصَائِبَ بَلْ ذَلِكَ مُكَفِّرٌ أَيْضًا. فَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ مُرَادُ الْآيَةِ وَمُقْتَضَاهَا أَوْ تَدُلُّ عَلَيْهِ فَقَدْ خَالَفَ ظَاهِرَ الْآيَةِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ كَمَا خَالَفَ ظَاهِرَ الْإِجْمَاعِ السَّابِقِ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَهُ أَوْ كَمَا قَالَهُ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ الشِّرْكُ لَبَيَّنَهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَلَمَا أَغْفَلَهُ مِثْلُهُمْ وَإِنَّمَا أَجْرَوْا الْآيَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَتَّجِهُ تَضْعِيفُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَتَصْحِيحُ الثَّانِي، وَأَنَّ طَرِيقَ التَّضْعِيفِ وَاحِدٌ. وَمِمَّا يُوَافِقُ ظَاهِرَ الْآيَةِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الْجُمُعَةُ إلَى الْجُمُعَةِ وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَرَمَضَانُ إلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إذَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ» . وَرَوَى مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ﵁ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَا مِنْ امْرِئٍ تَحْضُرُهُ صَلَاةٌ مَكْتُوبَةٌ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا إلَّا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنْ الذُّنُوبِ مَا لَمْ يَأْتِ كَبِيرَةً وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ» وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ «مَنْ جَاءَ يَعْبُدُ اللَّهَ ﷿ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ، وَيَتَّقِي الْكَبَائِرَ، فَإِنَّ لَهُ الْجَنَّةَ» إسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَفِيهِ بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَحَدِيثُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ يَصُومُ رَمَضَانَ. وَقَدْ ظَهَرَ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الصَّغَائِرَ لَا تَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ لِوُقُوعِهَا مُكَفَّرَةً شَيْئًا فَشَيْئًا. وَقَدْ اعْتَرَفَ ابْنُ عَقِيلٍ بِصِحَّةِ هَذَا وَأَنَّهُ لَوْلَا الْإِجْمَاعُ لَقُلْنَا بِهِ. كَذَا قَالَ. وَأَيْنَ الْإِجْمَاعُ الْمُخَالِفُ لِهَذَا؟ بَلْ مُقْتَضَى مَا سَبَقَ عَنْ أَصْحَابِنَا وَمُقْتَضَى الْإِجْمَاعِ السَّابِقِ لِظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ كَمَا تَرَى. وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ فِي النَّهْيِ عَنْ أَحَدِ شَيْئَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا إنَّهُ يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ إدْمَانُ الصَّغِيرَةِ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَلَوْ أَدْمَنَ وَقَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا﴾ [النساء: ٣١]

1 / 127