والخوف فيه موضعه، فلا يجعل اتقاءه لغير المخوف، ولا رجاءه في غير المدرك. فيترك عاجل اللذات طلبا لآجلها، ويحتمل قريب الأذى توقيا لبعيده. فإذا صار إلى العاقبة؛ بدا له أن قراره كان تورطا، وأن طلبه كان تنكبا.
الباب الثالث من ذلك: هو تنفيذ البصر بالعزم بعد المعرفة بفضل الذي هو أدوم، وبعد التثبت في مواضع الرجاء والخوف؛ فإن طالب الفضل بغير بصر تائه حيران، ومبصر الفضل بغير عزم ذو زمانة محروم.
وعلى العاقل محاسبة نفسه، ومخاصمتها ، والقضاء عليها، والإثابة لها، والتنكيل بها.
أما المحاسبة: فيحاسبها بمالها، فإنه لا مال لها إلا أيامها المعدودة التي ما ذهب منها لم يستخلف كما تستخلف النفقة، وما جعل منها في الباطل لم يرجع إلى الحق، فيتنبه لهذه المحاسبة عند الحول إذا حال ، والشهر إذا انقضى، واليوم إذا ولى، فينظر فيما أفنى من ذلك، وما كسب لنفسه، وما اكتسب عليها، في أمر الدين وأمر الدنيا، فيجمع ذلك في كتاب فيه إحصاء،
صفحة ٢٧