يفوت المثابر، ويصيب منها العاجز ما يخطئ الحازم.
وليعلم أن على العاقل أمورا إذا ضيعها حكم عليه عقله بمقارنة الجهال.
فعلى العاقل أن يعلم أن الناس مشتركون مستوون في الحب لما يوافق، والبغض لما يؤذي، وأن هذه منزلة اتفق عليها الحمقى والأكياس ، ثم اختلفوا بعدها في ثلاث خصال هن جماع الصواب وجماع الخطإ، وعندهن تفرقت العلماء والجهال، والحزمة والعجزة.
الباب الأول من ذلك: أن العاقل ينظر فيما يؤذيه وفيما يسره، فيعلم أن أحق ذلك بالطلب إن كان مما يحب، وأحقه بالاتقاء إن كان مما يكره، أطوله وأدومه وأبقاه؛ فإذا هو قد أبصر فضل الآخرة على الدنيا، وفضل سرور المروءة على لذة الهوى، وفضل الرأي الجامع العام الذي تصلح به الأنفس والأعقاب على حاضر الرأي الذي يستمتع به قليلا ثم يضمحل ، وفضل الأكلات على الأكلة، والساعات على الساعة.
والباب الثاني من ذلك: هو أن ينظر فيما يؤثر من ذلك، فيضع الرجاء
صفحة ٢٦