وجل الأدب بالمنطق، وجل المنطق بالتعلم، ليس منه حرف من حروف معجمه، ولا اسم من أنواع أسمائه إلا وهو مروي متعلم مأخوذ عن إمام سابق من كلام أو كتاب؛ وذلك دليل على أن الناس لم يبتدعوا أصولها، ولم يأتهم علمها إلا من قبل العليم الحكيم.
فإذا خرج الناس من أن يكون لهم عمل أصيل وأن يقولوا قولا بديعا؛ فليعلم الواصفون المخبرون أن أحدهم - وإن أحسن وأبلغ - ليس زائدا على أن يكون كصاحب فصوص وجد ياقوتا وزبرجدا ومرجانا، فنظمه قلائد وسموطا وأكاليل ، ووضع كل فص موضعه، وجمع إلى كل لون شبهه وما يزيده بذلك حسنا، فسمي بذلك صانعا رفيقا. وكصاغة الذهب والفضة صنعوا منها ما يعجب الناس من الحلي والآنية. وكالنحل وجدت ثمرات أخرجها الله طيبة، وسلكت سبلا جعلها الله ذللا؛ فصار ذلك شفاء وطعاما وشرابا منسوبا إليها، مذكورا به أمرها وصنعتها.
فمن جرى على لسانه كلام يستحسنه أو يستحسن منه، فلا يعجبن إعجاب المخترع المبتدع؛ فإنه إنما اجتناه كما وصفنا.
ومن أخذ كلاما حسنا عن غيره فتكلم به في موضعه وعلى وجهه، فلا ترين
صفحة ٢٢