============================================================
كتاب أدب الملوك في بيان حقائق التصوف في الطوية أسرارا ، ولقد تحقق الملوكية فيهم لأنهم لا يسمعون إلا بالله ، ولا ينظرون إلا بالله ، ولا يبطشون إلا بالله ، ولا يتحركون إلا بالله ، وقد روي عن النبي أنه قال : 3 إن الله عز وجل قال : ما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحببته، فإذا أحبيته كنت له سمعا وبصرا ويدا، فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش، فهذه حقيقة أهل المحبة وأحكام الصوفية في حركاتهم، ثم احواهم تعلو عن الوصف، وإشارتهم تعلو عن النعت، قد 1 استوحشوا من جميع ما استعبد أهل الغرة، واستأنسوا بالله عز وجل، فإن خافوا (9) خافوا الله، وإن رجوا رجوا الله تعالى، وإن افتقروا افتقروا إلى الله تعالى، وإن استغنوا استغنوا بالله عز وجل، وإن تعلقوا تعلقوا بالله وحده، فخالفوا في جميع أحكامهم أهل 9الدنيا، فأولئك الملوك حقا ، وكيف لا يقع عليهم اسم الملوكية وقد سمى الله عز وجل أقواما ملوكا ببعض ما وهب لهم من زينة الدنيا ونعمائها ، فقال عز وجل وجعلكم ملوكا واتاكم ما لم يوت أحدا من العالمين} ، ولقد وهب الله عز وجل للصوفية وأهل 12 الحقيقة من نعيم السر ورؤح القلب ما استغنوا به عن جميع الأملاك: ولقد حكي عن إبراهيم بن أدهم أنه قال : مساكين ملوك الدتيا لو علموا ما نحن فيه لقاتلونا . وقد قال بعض الحكماء : إزهد في الدنيا تكن ملكا ، فازهد في الآخرة تكن 15 ملكا متوجا، فالملوكية في الدنيا شرط الزهد فيها، وجميع ما زهدت فيها فأنت آميرها ومالكها، وقد روي أيضا في الخبر أن الله عز وجل يقول لجنة عدن : طويى لك منازل الملوك، بعني: منازل الزهاد والأسخياء: فهذا حقيقة أحوال الملوكية شرحتها بحقائق أهل الأدب من الملوك وهم الصوفية الذين تأدبوا بالسنة ليصلحوا حقيقة الخدمة، وساشرح ما اجتمعت عليه الصوفية في الأصول والفروع بمشاهدة الآيات والآثار البينات، فإتهم أقوام استعملوا بالجهد والجحد ظاهر 21 العلوم من الفرائض، فأورثهم الله عز وجل علما من غير تعلم وهدى بغير هداية وعلامة لحقيقة الولاية، وبذلك عرفوا جميع أسباب الولاية، وتقربوا إلى الله عز وجل بالنوافل بحقيقة الطوية، وصبروا على المكاره بمخالفة النفوس ، فأقامهم الله تعالى على شرائع دينه 24 وأعمل جوارحهم بالطاعات وزينهم بالعلم وفقههم في الدين وعرفهم معايب النفوس، ثم أدبهم للخدمة لأداء حقيقة الحرمة، فتشمروا عن الأسباب الشاغلة، والعلائق القاطعة ، 43) المعبم الفهرس 529/9.
10 - 11) القرآن الكريم */20.
..
صفحة ٨