============================================================
كتاب أدب اللوك في بيان حقائق التصوف وتنسى مقام العبودية، ويروى في الخبر آن موسى عليه السلام قال: يا رب متى تكون لي؟ فقال : يا موسى إذا لم تكن لنفسك ! قال : ومتى لا أكون لنفسي؟ قال : إذا نسيتها كلها! ووصف النفس ونعتها تكثر وتقصر عنه النعوت ولا يحصى، لأن النفس 3 خلقت من الأرض ففيها عيشها وبها فرحها وهي تطمئن إليها، وبالأرض قوتها، والروح خلق من الملكوت وهو بخلافها يطمين إلى أوطانه وتحن إلى الملكوت (23) إلى قرب الملائكة. وقد حكي عن أحمد بن أبي الحواري أنه قال : رأيت راهبا في دير حرملة، فقال : إنا نجد في كتبنا أن بدن ابن آدم خلق من الأرض وروحه من الملكوت ، فإذا تعم بدنه وسقاه وأطعمه ونومه وأراحه آخلد إلى الموضع الذي خلق منه ، فلم يكن شيء أحب اليه من الدنيا ، وإذا أجاعها وأظمأها وأسهرها وأتعبها نازع إلى الموضع الذي خلق منه فلم يكن شيء احب إليه من ملكوت السموات ، قلت : فإذا فعل ذلك يعجل لها في الدنيا ثوابا؟ قال : نعم نور يراه! فحدثت به آبا سليمان فأعجبه.
فعرفة النفوس من معرفة الله عز وجل، فأعرف الخلق بالله أعرفهم بأنفسهم وأكثرهم عداوة لها ومحاهدة لها. وئحكى عن أبي يزيد اليسطامي رحمة الله عليه أنه قال: خالفتني نفسي في شيء فلم آشرب الماء سنة . وهذا غاية المجاهدة، وللصوفية بجاهدات على أحكام شتى ظاهرا وباطنا ، وهم وافقوا السنة بها لقوله مل حين قال رجل: إني أريد الجهاد ! فقال : إيدأ بنفسك ! فجاهدها ثلاثا ولو مت فإنك شهيد، فهذا رسوم الصوفية بموافقة الشريعة والسنة وللصوفية في معاني المجاهدات والرياضات اشارات ومعان تخفى عن أكثر الناس، وبذلك فضلوا على سائر الصالحين وأهل العبادة 18 والصيانة من المؤمنين.
(4 باب 21 إشارات الصوفية وأما إشارات الصوفية فحقيقة الإرادة للحق مفردا، وذلك من حقيقة قوله عز وجل: يريدون وجهه}، فإشارات الصوفية تعلو ، لأنهم آثروا الله على جميع 6) 11) حلية الأولياء 5/10.
23) القرآن الكريم 52/6.
ن بن ..
صفحة ٢١