============================================================
كتاب أدب الملوك في بيان حقائق التصوف زينت الفقراء؟ فقال : كذلك قال النبي : الفقر أزين على المؤمن من العذار الحيد على خد الفرس، وروي عن النبي أنه قال : أول تحفة المؤمن الفقر ، وشرف الفقر لا يعد، والفقر مطية الأنبياء والصديقين والأبرار، وما أبلى الله عز وجل به الأخيار وزين به الأولياء والأبرار، وذلك ما تكلم فيه الصوفية وفي معانيها ورسومها، وهو ذل النفوس وموتها ثم عزها وحياتها، وللصوفية في الفقر إشارات وأحكام، واسم الفقر يجمعهم والأحوال فيه يفرقهم، والمراد فيه يباينهم.
فأما الأصل في موافقة السنة فذلك ما اختاره خير خلق الله محمد لل وأقام عليه وأثره على الحالات، ثم الصديق أبو بكر رضي الله عنه سيد الصديقين حيث تشمر وتجرد وتخلل بالعباء وقعد على رسم التجريد، فما ترك لنفسه إيواء غير الله عز وجل ورسوله ، ثم على أثره علي بن أبي طالب رضي الله عنه ذهب على سنته وسيرة صاحبه، ثم في اختيار النبي وأمر الله عز وجل له في موافقة مراد : الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} شرف الكل من الفقراء، والصوفية (15) وافقوا السنة بالفقر لموافقة اصحاب الصفة، وذلك أن الله عز وجل عاتب نبيه ملة في أقوام تعلق بهم حقائق الفقر من البذاذة والعري وتغير الريح والجوع وهم جماعة آهل الصفة، لبسوا الصوف فعمل فيهم الحر فوجد. منهم رائحة العرق، وسأل أشراف قريش النبي ملة أن يفرد لهم بحلسا خاليا منهم ، فضمن النبي ذلك منهم ، فدعا بالكتف ليكتب لهم العهد على ذلك لحرصيه على إسلامهم ، فأنزل الله عز وجل : ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه }.
فأول موافقة الصوفية الفقر، وحققوا ذلك في أصولهم واختاروه أصلا ومذهبا، ثم تكلموا في حقائقه، لأن الفقر ظاهر الاسم، وحقيقة الفقر والغنى : يفترقان في الاسم ال ويجتمعان في والمعنى فالفقر فقر القلب والغنى غنى القلب، لأن النبي قال لأبي 21 الدرداء : أترى أن كثرة المال هي الغني؟ قال : نعم يا رسول الله هي الغنى ! قال : وترى أن قلة المال هي الفقر؟ قال : نعم ، هي الفقر يا رسول الله ! قال ه : ليس كذلك : انما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب.
ثم الفقر اسم يشتمل على معان كثيرة، وللصوفية في ذلك إشارات ومقامات 11) - 12) القرآن الكريم 52/6.
17) - 18) القرآن الكريم 52/6.
... .
صفحة ١٣