واتعب أيها القارئ وحاول، واعرق كثيرا؛ كي تفهم معاني هذه الكلمات التالية:
هي يمين حلف الدهر بها ليكذبن كذبة بيضاء ومغشاة، يغر بريقها ويلتمع ماؤها لمع السراب، فتبصر فيها الروح معنى الري لتلتهب منها بالظمأ القاتل يفيضها على رمل ذهبي صبغته الشمس، وأنا ... أنا كلمة قد استوى ظاهرها وباطنها، فإما أن تصدق كلها، وإما أن تكذب كلها، كلمة ليس فيها جزء محبوب وجزء مكروه، فلا تحمل أبدا معنيين.
وتأمل فهمه لمعاني الحب في قوله:
وهذا الحب حاسة في الروح، فهو - ولا ريب - يستثقل كل ما ينافره من الطبائع طبائع هؤلاء الذين لا يترفقون للعيش بأيديهم وأرجلهم وأبدانهم وقلوبهم وأنفسهم، فيثيرون في كل سبيل غبار الحيوانية على كل قلب روحاني، فلا يكونون عليه إلا ألما ومضضا وشدة من الشدة، وكثيرا ما يخيل إلي فيمن حولي ممن أخالطهم اضطرارا، أنهم ثعالب أطلع عليهم برائحة الأسد الضاري!
ونزيدك أيها القارئ من معانيه في الحب: ... وسرى طيفها في نيتي (ولعله يقصد في خاطري) مسرى الزلزلة الراجفة في بقعتها من أرضها، تشق في الأرض والصخر والجبل ما يشق المقراض في سرفة من الحرير بل أسرع وأقطع وأمضى، ولو حدثت بعد الذي فعل طيفها أن مدفعا من المدافع ألقى ظله على الأرض فانفجرت من ظله القنابل تخرب وتدمر وتأتي على ما تناله والمدفع ذاته قار ساكت لقلت: عسى ولعله، وأمر قريب، ولعل المدفع كان امرأة! ... وأصبحت أرى الحب كأنه طريقة يفقد بها الإنسان روحه قبل الموت، فيعود كأنه غمرة من الجحيم وهو قار في نسيم الدنيا.
ليس لي والله من شدة حبي إياها إلا أن أبغضها وأتجهمها بالكلام النافر الغليظ وأقول لها ... نعم أقول لها، ثم أقول لها: قبح الله الحب إن كان مثل وجدي بك، لا يؤتي الحياة جمالها إلا ليسلبها حريتها واستقرارها معا! وأقول لها، ثم أقول لها: لقد أوقعتني من حبك وهجرك بين الشر والذي هو شر منه.
وهذه الكلمات التالية عن المرأة أعتقد أن الشاب الذي يقول بها هو شر على الأمة من أية كارثة تحل بها:
قيل لحية سامة: أكان يسرك لو خلقت امرأة؟! قالت: فأنا امرأة غير أن سمي في الناب وسمها في لسانها!
كيف كان الرافعي يدرس الأدب؟
إننا نجد هناك نصيحة كتبها إلى صديق له يقول فيها بالحرف: ... ثم عليك بحفظ الكثير من ألفاظ كتاب نجمة الرائد لليازجي والألفاظ الكتابية للهمذاني.
صفحة غير معروفة