ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميت الأحياء
إنما الميت من تراه كئيبا ... كاسفا باله قليل الرجاء
وكان إذا أصبح وفرغ من تسبيحه، أنشد:
وما الدنيا بباقية لحي ... ولا حي على الدنيا بباقي
وإذا أمسى، بكى وتمثل:
يسر الفتى ما كان قدم من تقى ... إذا عرف الداء الذي هو قاتله
قال حميد: دخلنا على الحسن يوما، فوجدناه يبكي وينشد:
دعوه لا تلوموه دعوه ... فقد علم الذي لم تعلموه
رأى علم الهدى فسما إليه ... وطالب مطلبا لم تطلبوه
أجاب دعاءه لما دعاه ... وقام بأمره وأضعتموه
بنفسي ذاك من فطن لبيب ... تذوق مطعما لم تطعموه
قال: وسمعته يوما آخر يبكي ويقول: أي رب! متى أؤدي شكر نعمتك التي لا تؤدى إلا بنعمة محدثة، ومعونة مجددة؟! ما أخسر صفقة من صرف عن بابك، وضرب دونه حجابك! ثم أنشد:
إذا أنا لم أشكرك جهدي وطاقتي ... ولم أصف من قلبي لك الود أجمعا
فلا سلمت نفسي من السقم ساعة ... ولا أبصرت عيني من الشمس مطلعا
صفحة ٣٣