وحدثني صديق لي قال: قرأت على القصر الذي بناه معز الدولة بالشماسية، مما يلي نهر المهدي
مكتوبا: يقول فلان بن فلان الهروي: حضرت في هذا الموضع في سماط معز الدولة والدنيا عليه
مقبلة، وهيبة الملك عليه مشتملة، ثم عدت إليه في سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، فرأيت ما يعتبر به
اللبيب، ويتفكر فيه الأديب. وقلت:
عين بكي للقصر قصر معز ال دولة المونق العجيب الفناء
قد خلا بعد عزة وجمال وعفا بعد رونق وبهاء
لو تبقى على الحوداث شيء لبقى ملكه من الأشياء
كل أمر وإن تطاول أو دا م إلى نقلة وجال انقضاء
حدثني شيخ من أهلنا قال: قرأت على حائط خضراء روح بالبصرة مكتوبا بسواد: بسم الله الرحمن
الرحيم. حضر فلان بن فلان الساوي، وهو يقول: هربت من الإملاق والحسرة، فقذف بي الزمان إلى
البصرة، فكانت أعظم البلدان بركة علي، كسبت بها مالا، وعقدت بها حالا، وآخيت فيها فتيانا،
وحصلت من أهلها إخوانا، وقضى الله لغلبة نحسي عودي ورجوعي إلى ساوة، فرحلت وأنا أقول:
أعزز علي بفرقة ورحيل عن قرب محبوب ودار خليلوالله يعلم أنني متحرق لفراقكم ذو صبوة وغليل
أترى الزمان يسرني بلقائكم بعد التفرق والنوى بقليل
وإذا تحته مكتوب: بغير ذلك الخط: نعم، إن شاء الله.
وحدثني رجل من أهل الكوفة عن شيوخه قال: خرج قوم من أهل الكوفة يطلبون الأحجار العرونة
يجمعونها لأيام الزيارات للتعيش بها، وبالكوفة من يعمل مثل هذا إلى يومنا. قال: وأبعدوا في النجف
وساروا فيه حتى خافوا التيه، فوجدوا ساجة كأنها من سكان مركب عتيق، وإذا عليها كتابة، فجاءوا
بها إلى الكوفة، فقرأناها فإذا عليها: سبحان مجري القوارب، وخالق الكواكب، المبتلي بالشدة امتحانا،
صفحة ٣١