هذا وما حم الفراق فكيف لو قالوا الرحيل يكون حال الهايم فقام فتى في آخر المجلس فصاح، وعض ثيابه، ولطم خده، ولم يزل يقول ويبكي:
هل ينفعني كتابي على المساجد ما بي
أم لا فأقتل نفسي فإنني في عذاب
فعلمت أن الأبيات المكتوبة على المسجد الحرام له، وأنه عاشق للجارية.
وحدثني صديق قال: قرأت على حائط خضراء أبي جعفر في يوم جمعة: حضر فلان بن فلان ومعه
شمعة الزمان فلان بن الخضر ففعلا وصنعا ما يعز على أبي جعفر، ولكن الغريب تحتمل هفواته،
وتغفر جناياته، لبعد داره، وشحط مزاره وحاجته واضطراره. فمن قرأ ما كتبت فليعذر فيما ارتكبت.
وقد قلت هذه الأبيات:
إني بليت بظبي من الظباء رشيق
رأيته يتثنى بقرب دار الرقيق
فقلت مولاي زرني فقد شرقت بريقي
فقال لي رمت أمرا أعلى من العيوقفقلت عندي غناء وفضلة من رحيق
فقال قف لي قليلا حتى يجوز عشيقي
وانجر خلفي يمشي بخاتميه العقيق
حتى مررنا بدار قديمة التزويق
وقبة من بناء المنصور بالتدنيق
وقد تبربر أيري وصار كالزرنوق
وثار تحت ثيابي منه كمثل الحريق
فهجت فارتاع خوفا وقال مر في الطريق
وخذك مفتاح داري أنسيته مع رفيقي
وما يرانا أنيس فاخل بنا في المضيق
فاحمر وجه غريري وصار مثل الخلوق
وقال مر قد حصلنا في حال ضنك وضيق
فحين نومت حبي وصرت وسط الشقوق
بكى وأعلن صوتا برنة وشهيق
وقال إني لهذا القمد غير مطيق
فقلت أخرجت روحي والله بالتعويقفنام تحتي صغيرا يغط مثل الفنيق
وقام بعد فراغي من صب ما بالعروق
يقول ويلي وعولي على القميص الدبيقي
وحدثني وراق لقيته بسوق الأهواز قال: خرجت يوما إلى بيوت العباد التي على الجبل الذي يلي
صفحة ٢٧