فلئن رأيتك موحشا فبما رأيت وأنت آهل وذكر إبراهيم بن حميد العطار قال: لما أصابت علي بن الجهم الجراحات في طريق الشام كان فيما
يهذي به الليل:
ذكرت أهل دجيل وأين مني دجيل
هل زاد في الليل ليل أم سال بالصبح سيل
ولما مات وجد هذا الشعر قد كتبه على الحائط:
يا رحمتا للغريب في البلد النا زح ماذا بنفسه صنعا
فارق أحبابه فما انتفعوا بالعيش من بعده وما انتفعا
وحدثني أبو الحسن بن مروان الأندلسي، شيخ لقيته في مجلس أبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم
قال: اجتزت في طريقي إلى العراق بمدينة يقال لها ظفار. ودعتني الضرورة إلى المقام بها أسبوعا.
فكنت في كل يوم أطوف أقطارها وأقصد من كان بها على مذهب الشافعي. فاجتزت يوما في قصر
منها خراب، قديم البناء، فإذا على بابه مكتوب بحبر: حضر علي بن محمد بن عبد الله بن داود
الطبرسي هذا الموضع في سنة أربع وثلاثمائة وهو يقول:
يا من ألح عليه الهم والفكر وغيرت حاله الأيام والغير
أما سمعت بما قد قيل في مثل عند الإياس فأين الله والقدرنم للخطوب إذا أحداثها طرقت واصبر فقد فاز أقوام لها صبروا
وكل ضيق سيأتي بعده سعة وكل فوت وشيك بعده الظفر
وتحته مكتوب بغير ذلك الحبر والخط:
حضر القاسم بن زرعة الكرجي في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وقرأ الأبيات وهو يقول: لو كل
من صبر أعقب الظفر، صبرت، ولكن نجد الصبر في العاجل يفني العمر. وما كان أولى لذي العقل
موته وهو طفل، والسلام.
وحدثني أبو الفرج عبد الله بن محمد الناقد المحدث قال: حدثنا عمي قال: اجتزت بنيسابور، فرأيت
بلدا عظيما آهلا، فأقمت به أياما. فأنا يوما في لجامع أركع إذ دخل فتى حسن الشباب رث الحال
صفحة ١٧