أدب الاختلاف في الإسلام

طه جابر فياض العلواني ت. 1437 هجري
44

أدب الاختلاف في الإسلام

الناشر

المعهد العالمي للفكر الإسلامي

مكان النشر

فيرجينيا - الولايات المتحدة الأميريكية

تصانيف

منهما (٤٥) . ومع ذلك فإن اختلافهما هذا ما نقص من حب أحدهما لصاحبه، وما أضعف من تقدير ومودة أي منهما للآخر، فهذا ابن مسعود يأتيه اثنان: أحدهما قرأ على عمر وآخر قرأ على صحابي آخر، فيقول الذي قرأ على عمر: اقرأنيها عمر بن الخطاب، فيجهش ابن مسعود بالبكاء حتى يبل الحصى بدموعه، ويقول: اقرأ كما أقرأك عمر فإنه كان للإسلام حصنا حصينا، يدخل الناس فيه ولا يخرجون منه، فلما أصيب عمر انثلم الحصن (٤٦) . ويقبل ابن مسعود يوما وعمر جالس فلما رآه مقبلا قال: «كنيّف ملىء فقها أو علما» وفي رواية: «كنيّف ملىء علما آثرت به أهل القادسية» (٤٧) . هكذا كانت نظرة عمر لابن مسعود ﵄، لم يزده الاختلاف بينهما في تلكم المسائل إلاّ محبة وتقديرا له، ولنا أن نستنبط من تلك الأحداث آدابا تكون نبراسا في معالجة القضايا الخلافية.

(٤٥) راجع إعلام الموقعين (٢/٢١٨) . (٤٦) انظر الإحكام (٦/٦١) . (٤٧) طبقات ابن سعد (٤/١٦١) وحياة الصحابة (٣/٧٩١) .

1 / 64