أدب الاختلاف في الإسلام
الناشر
المعهد العالمي للفكر الإسلامي
مكان النشر
فيرجينيا - الولايات المتحدة الأميريكية
تصانيف
(التوبة: ١٠٣) ونسي المانعون للزكاة أو تناسوا أن هذا الخطاب لم يكن مقصورا على الرسول ﷺ، بل يتناول من يلي الأمر بعده ﵊ لأنه خطاب له ﷺ بصفته حاكما وإماما للمسلمين؛ فإن أخذ الزكاة من أهلها وتسليمها لمستحقيها من الأمور الداخلة ضمن تنظيم المجتمع وإدارته كإقامة الحدود ونحوها، تنتقل مسؤوليتها الى القائمين بأمر المسلمين بعد رسول الله ﷺ نيابة عن الأمر.
كما أن كل مسلم كان يبايع رسول الله ﷺ فيما يبايعه على إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، مما لا يترك مسوّغا للتفريق بينهما، وحرصا من الخليفة الأول على استمرار مسيرة الإسلام يقرر ابو وبكر الصديق ﵁ قتلاهم لحملهم على التوبة وأداء الزكاة، والعودة إلى حظيرة الإسلام، والالتزام بكل ما بايعوا عليه رسول الله ﷺ (٣٢)، وإزاء الموقف الذي اتخذه الخليفة الأول يقع الخلاف بينه وبين عمر ﵄ الذي تراءى له للوهلة الأولى عدم جواز مقاتلة مانعي الزكاة. يقول أبو هريرة ﵁: «لما توفي رسول الله ﷺ وكان أبو بكر ﵁ وكفر من كفر من العرب، فقال عمر: فكيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله ﷺ: «أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله. فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقها وحسابه على الله تعالى»؟ فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها لرسول الله ﷺ لقاتلتهم على منعها. قال عمر: فوالله ما هو إلاّ أن قد شرح الله صدر
_________
(٣٢) يراجع البخاري بهامش الفتح (٣/٢١٢) .
1 / 58