أدب الاختلاف في الإسلام
الناشر
المعهد العالمي للفكر الإسلامي
مكان النشر
فيرجينيا - الولايات المتحدة الأميريكية
تصانيف
لبعدهم عن المدينة المنورة، فكان يقع بينهم الاختلاف كاختلاف في تفسير ما يعرفونه من كتاب الله، او سنة رسوله ﷺ وتطبيقه على ما نابهم من احداث وقدا لا يجدون في ذلك نصا فتختلف اجتهاداتهم ... هؤلاء اذا عادوا الى المدينة، والتقوا برسول الله ﷺ عرضوا عليه ما فهموه من النصوص التي بين أيديهم او ما اجتهدوا فيه من القضايا فإما ان يقرهم على ذلك فيصبح جزءا من سنته ﷺ وإما أن يبين لهم وجه الحق والصواب فيطمئنون لحكمه ﷺ ويأخذون به ويرتفع الخلاف، ومن أمثلة ذلك ما يلي:
أما أخرجه البخاري ومسلم أن النبي ﷺ قال يوم الاحزاب: «لا يصلين أحد العصر الا في بني قريظة» فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيها، أي: ديار بني قريظة.
وقال بعظهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك. فذكر ذلك للنبي ﷺ فلم يعنف واحدا منهم» (٩) وظاهر من هذا الحديث الشريف ان الصحابة رضوان الله عليهم انقسموا الى فريقين في موقفهم من أداء صلاة العصر: فريق أخذ بظاهر اللفظ (كما يقول المناطقة) أوم بما يسميه أصوليو الحنفية بـ «عبارة النص» . وفريق استنبط من النص معنى خصصه به.
_________
(٩) انظر صحيح البخاري بهامش شرحه فتح الباري (٧/٣١٣)، وإرشاد الساري والعيني (٨/٢٥٤) ومتن البخاري (٥/٤٧) في كتاب المغازي ويستحسن مراجعته في باب صلاة الخوف، ومسلما في «كتاب الصلاة» .
1 / 34