آداب الحوار من خلال سيرة مصعب بن عمير رضي الله عنه
الناشر
دار الأوراق الثقافية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٥ هـ
تصانيف
سادسًا: البعد عن التعميم:
لقد كان مصعب بن عمير ﵁ في حواره مع أمه، ورغم محاولاته الجادة في إسلامها، إلا أنها أبت، بل أرادت حبسه والتضييق عليه، فقال ﵁: " لئن أنتِ حبستِنِي لأحرصن على قتل من يتعرض لي " (١)، فلم يعمم ﵁ على قومه كلهم، بل حدد في ذلك من يتعرض له، إذ إن من الإنصاف أن تكون العقوبة والجزاء على المخطئ، كما أن للمحسن الإحسان، ومن التعدي والظلم تعميم الخطأ، وإنزاله على أناس لم يكن لهم في ذلك مشاركة ولا تأييد، فلعل أمه اقتنعت بحسن أدب ابنها وإنصافه في حواره؛ لذلك قالت له: " فاذهب لشأنك " (٢)، وفي ذلك يقول المصطفى ﷺ «إن أعظم الناس فرية لرجل هاجى رجلًا فهجا القبيلة بأسرها» (٣)، فهذا من تمام العدل الذي أمر الله به وحث عليه، إذ كيف يخطئ فرد من الأفراد فيؤاخذ بخطئه مجتمع كامل.
_________
(١) ابن سعد: الطبقات الكبرى، ٣/ ٨٨.
(٢) المصدر السابق، ٣/ ٨٨.
(٣) ابن ماجه: سنن ابن ماجه، كتاب الآداب، باب ما كره من الشعِر، ٢/ ١٢٣٧، رقم ٣٧٦١. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، مكتبة المعارف، الرياض، ط١، ١٤١٥هـ، ٢/ ٣٩٠، رقم ٧٦٣.
1 / 22